القول الأول: والشر لا يُتقرب به إليك، وهذا اختيار إسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وأبو بكر ابن خزيمه، والطحاوي عليهم -رحمة الله-. القول الثاني: والشر لا يضاف إليك على انفراده فلا يقال: يا خالق الشر ويا مقدر الشر ويا خالق القردة والخنازير ونحوها، وهذا اختيار الإمام الصابوني. القول الثالث: والشر لا يصعد إليك، وإنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح. القول الرابع: إن الله تعالى لا يخلق شرًا محضًا، وإن الشر الذي يخلقه تعالى ليس شرا بالنسبة إليه. وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم وغيرهما من أهل العلم، وهذا القول هو أرجح الأقوال وأشملها قال شيخ الإسلام بن تيمية: والشر ليس إليك، فإنه لا يخلق شرًا محضًا بل كل مايخلقه فيه حكمة، هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس، وهو شر جزئي إضافي، فأما شر كلي أو شر مطلق فالرب منزه عنه، وهذا هو الشر الذي ليس إليه. وقال ابن القيم: تبارك الله وتعالى عن نسبة الشر إليه، بل كل ما نسب إليه فهو خير، والشر إنما صار شراً لانقطاع نسبته وإضافته إليه، فلو إضيف إليه لم يكن شراً، وهو سبحانه خالق الخير والشر، فالشر في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله، وخلقه وفعله وقضاؤه وقدره خيرٌ كله، وأما الشر فهو وضع الشيء في غير محله، فإذا وضع في محله لم يكن شراً، فعلم أن الشر ليس إليه، وأسماؤه الحسنى تشهد بذلك. انظر للمزيد: «عقيدة السلف وأصحاب الحديث» ص ٢٨٤ - ٢٨٥، والتمهيد (٦/ ٦٣)، ومشكل الآثار للطحاوي ١/ ٣٣٥، ومجموع الفتاوى ١٤/ ٢٦٦ و ١٧/ ٩٤، وشفاء العليل ٢/ ٢٥٧ - ٢٦٤، ومسلم بشرح النووي ٦/ ٣٠٦، وفتح الباري ١١/ ٤٧٨ و ٤٩٠، وعون المعبود ٢/ ٣٢٩، وتيسير العزيز الحميد ص (٦٩١ - ٦٩٢)، وإزالة الستار عن الجواب المختار لابن عثيمين ص ٣٨، وأحاديث العقيدة ص ٥٥٩ - ٥٧٠