للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٣ - دليل آخر: وقد قال الله عز وجل: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} (١) وقال: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} (٢)، فأخبر أنه يضل ويهدي. وقال الله (٣): {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (٤) فأخبر أنه {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (٥). وإذا كان الكفر مما أراده فقد فعله وقدره وأحدثه وأنشأه واخترعه، وقد بين ذلك بقوله: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٦). فلو كانت عبادتهم للأصنام من أعمالهم كان ذلك مخلوقاً لله، وقد قال الله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٧) يريد أنه يجازيهم على أعمالهم فكذلك إذا ذكر عبادتهم للأصنام وكفرهم بالرحمن. ولو كان مما قدروه وفعلوه لأنفسهم لكانوا قد فعلوا وقدروا ما خرج عن تقدير ربهم وفعله، وكيف يجوز أن يكون لهم من التقدير والفعل والقدرة ما ليس لربهم؟ فمن زعم ذلك فقد عَجَّز الله عز وجل، وتعالى عن قول المعجِّزين له علواً


(١) سورة الكهف، آية: [١٧].
(٢) سورة البقرة، آية: [٢٦].
(٣) ساقط من. ب. و.
(٤) سورة إبراهيم، آية: [٢٧].
(٥) سورة البروج، آية: [١٦].
(٦) سورة الصافات، آية: [٩٥ - ٩٦].
(٧) سورة الأحقاف، آية: [١٤].

<<  <   >  >>