رابعاً: احتجاج عناية الله الحيدري بأن ما في الإبانة ليس صحيحاً، وذلك بأن محمد بن الحسن قد شَنَّعَ على من قالوا بخلق القرآن، فكيف تتلمذ على أحد القائلين به؟
قلت: لا شك بأن هذا حجة قوية على عدم صحة نسبة القول بخلق القرآن للإمام أبي حنيفة، وليست حجةً على أن ما في الإبانة حول مسألة نسبة القول بخلق القرآن للإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ أُقْحِمَ فيها من غير علم صاحبه ولم يتفوه به. وذلك لأن في الإبانة روايات مختلفة، بعضها صحيح وبعضها ضعيف، بل وبعضها بلا إسناد.
خامساً: من العجيب أن عناية الله الحيدري قد رفض ما في الإبانة بحجة عدم إيراد البيهقي للآثار التي نسبت للإمام أبي حنيفة القول بخلق القرآن، وكأن الآثار محصورة مصادرها على كتاب الأسماء والصفات للإمام للبيهقي ـ رحمه الله ـ بل أظن بأن البيهقي لو أورد هذه الروايات لقدح في كتابه أيضاً، مع أن رواية البيهقي بأن أبا يوسف كلم أبا حنيفة سنة في هل القرآن مخلوق؟ (١) توحي بأن هذا كان رأي أبي حنيفة، لكنه اقتنع بقول أبي يوسف ولكن هذه الرواية ليست صحيحة ـ ولله الحمد ـ ومحاولات عناية الله الحيدري بيان أن هذه الرواية ليست قادحة في أبي حنيفة، وإنما المقصود في طول المحاورة هو قوة الاحتجاج من أجل أن