للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحاج ٣٠٠:٢ ثم رأيت الدكتور مصطفى السباعي قد بسط الكلام في هذا في الجزء ٩ في المجلد ١٠ من مجلة المسلمون ص٢٠

قال أبو رية «عن أبي رافع قال: كان مروان ربما استخلف أبا هريرة على المدينة فيركب حماراً قد شد عليه برذعة وفي رأسه خلية من ليف، فيسير فيلقي الرجل فيقول: الطريق قد جاء الأمير، وربما أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الغراب (١) فلا يشعرون بشيء حتى يلقي نفسه بينهم ويضرب برجليه فينفر الصبيان فيفرون، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ثعلبة بن [أبي] مالك القرظي قال: أقبل أبو هريرة في السوق يحمل حزمة حطب وهو يومئذ خليفة لمروان على المدينة فقال: أوسع الطريق للأمير يا ابن [أبي] مالك. فقلت له: يكفي هذا. فقال: أوسع الطريق للأمير، والحزمة عليه»

أقول: إنما كان يعتمد هذا التبذيل والمزاح حين يكون أميراً تهاوناً بالإمارة ومناقضة لما كان يتسم به بعض الأمراء من الكبر والتعالي على الناس، وكانت إمارة أبي هريرة رحمة بأهل المدينة يستريحون إليها من عبية أمراء بني أمية وعنجهيتهم، وكانت إحياء السنة، فإن الأمير كان هو الذي يؤم الناس، فكان الأمراء يغفلون أشياء من السنة كالتكبير في الصلاة وسجود التلاوة وقراءة السور التي كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، فكان أبو هريرة إذا ولى كان هو الذي يؤم بالناس، فيحيي ما أهمله الأمراء من السنن»

قال «ولقد كانوا يتهكمون برواياته ويتندرون عليها لما تفتن فيها وأكثر منها، فعن أبي رافع أن رجلاً من قريش أتى أبا هريرة في حلة وهو يتبختر فيها فقال: يا أبا هريرة إنك تكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل سمعته يقول في حلتي هذه شيئاً؟ فقال: [والله إنكم لتؤذوننا، ولولا ما أخذ الله على أهل الكتاب


(١) في البداية الأعراب وهو أمير

<<  <   >  >>