أقول: لم أجد حديث أبي هريرة هذا بلفظ «فلا صوم عليه» وإنما وجدته بلفظ «فلا يصم» ولا ريب أنه كان في رمضان يلزمه قضاء ذاك اليوم. هذا وقوله «هي أعلم» لا يناقض جوابه المتقدم، وإنما المعنى هي أعلم بذاك الشأن الذي تتعلق به المسألة ووجه ذلك واضح، وقد عرفت صرامة عائشة وشدة إنكارها ماترى أنه خطأ، وسيأتي طرف من ذلك - وشدتها على أبي هريرة خاصة فاقتصارها إذ بلغها حديثه هذا على أن بعثت إليه أن لا يحدث بهذا الحديث / وذكرها فعل النبي صلى الله عليه وسل يل دلالة قوية أنها عرفت الحديث ولكنها رأت أنه منسوخ بفعل النبي صلى الله عليه وسلم. ويؤيد هذا أن ابن اختها وأخص الناس بها وأعلمهم بحديثها عن عروة بن الزبير استمر قوله عى مقتضى الحديث الذي ذكره أبو هريرة، وهذا ثابت عن عروة، وانظر فتح الباري ١٤:٤، وذكر مثله أو نحوه، وهؤلاء من كبار فقهاء التابعين بمكة والمدينة والبصرة والكوفة، والنظر يقتضي هذا، وشرح ذلك يطول، وكأن عروة حمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرته عائشة على الخصوصية أو غيرها مما لا يقتضي النسخ، واستد الجمهور على النسخ بقول الله تعالى (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) قالوا الآية نسخت بالإجماع ما كان قبل ذلك من تحريم الجماع في ليالي رمضان بعد النوم وهي تتضمن إحلاله في آخ جزء من الليل بحيث ينتهي بانتهاء الليل، ومن ضرورة ذلك أن يصبح جنباً فهذان شاهدان عدل بصحة حديث أبي هريرة وصدقه: الأول اقتصار عائشة على ما اقتصرت عليه، الثاني مذهب تلميذها وابن اختها عروة، وثم شاهد ثالث وهو أن المتفق عليه بين أهل العلم وعليه دل القرآن أنه كان الحكم أولاً تحريم الجماع في ليالي رمضان بعد النوم، وأن من فعل ذلك لم يصح صومه ذلك اليوم، والحكمة من ذلك والله أعلم أن يطول الفصل بني الجماع وبين طول الفجر، ولما كان من المحتمل أن يلجأ بعض الناس إلى السهر طول الليل