السنة. على أنهم كانوا إذا فكروا في جمعها بدا لهم احتمال اشتماله على مفسدة كما مر ص٣٠، وكذلك كان فيه تفويت حكم ومصالح عظيمة (راجع ص٢١-٢٢) . وتوقفهم عن الجمع لما تقدم لا يعني عدم العناية بالأحاديث، فقد ثبت بالتواتر تدينهم وانقيادهم لها وبحثهم عنها مكا تقدم في مواضعه، ولكنهم كانوا يؤمنون بتكفل الله تعالى بحفظها ويكرهون أن يعملوا من قبلهم غير ما وضح لهم أنه مصلحة محضة، (راجع ص٣٠) ، ويعلمون أنه سيأتي زمان تتوفر فيه دواعي الجمع وتزول الموانع عنه، وقد رأوا بشائر ذلك من انتشار الإسلام وشدة إقبال الناس على من تلقى العلم وحفظه والعمل به، وقد أتم الله ذلك كما اقتضه حكمته
ثم ذكر ص٢٢٠-٢٢٢ فصولاً في جمع القرآن، ثم قال ص٢٢٣-٢٣٢ «تدوين الحديث»
أقول: راجع لكتابة التابعين الحديث ص٢٨و٥٥، فأما اتباع التابعين فكانوا يكتبون ويحتفظون بكتبهم ولا سيما بعد أن أمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بالكتابة (راجع ص٣٠) وفي جامع بيان العلم لابن عبد البر بسنده إلى ابن شهاب الزهري قال «أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترا» ثم أكثر ابن شهاب من الكتابة بعد وفاة عمر لما أمر هشام بن عبد الملك. على أن ما كتب لعمر ولهشام لم يلق قبولاً عند أهل العلم لأنهم كانوا يحرصون على تلقي الحديث من المحدث به مشافهة. لكن الرواة عن ابن شهاب وغيره انهمكوا في الكتابة. ثم شرع بعضهم في التصنيف، وقد ذكر أبو رية ص ٢٢٩ عدة من المصنفين، وأحب أن أشير إلى من مات منهم قبل سنة ١٦٠:
فمنهم ابن جريج المتوفي سنة ١٥٠ له مصنفات تلقاها عنه جماعة، منهم حجاج ابن محمد الأعور وعبد الرزاق الصنعان، وعنهما الإمام أحمد وغيره. ولعبد الرزاق مصنفات موجودة