للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض أصحابنا قال: قالت جارية بن الهيثم بن عدي: كان مولاي ... » والجارية لا يعرف حالها، والمخبر عنها لا يدري من هو وما حاله، وإنما استندوا في تكذيب على أنها نادرة مستطرفة لأن مثل هذا نادر كما مر، وإنما استندوا في تكذيب الهيثم إلى دلائل ثابتة. هذا وعلماء السنة لا يستندرون في التصديق والتكذيب إلى أن ذاك يروقهم هذا لا يعجبهم، ولكنهم ينظرون إلى الرواة فمن كان من أهل الصدق والأمانة والثقة لا يكذبونه، غير أنهم إذا قام الدليل على خطئه خطأوه، سواء كاذن ذلك فيما يسوءهم أم فيما يعجبهم، وأما من كان كذاباً أو متهماً أو مغفلاً أو مجهولاً أو نحو ذلك فإنهم لا يحتجون بروايته. ومن هؤلاء جماعة كثير قد رووا عنهم في كتب التفسير وكثير من كتب الحديث والسير والمناقب والفضائل والتاريخ والأدب، وليست روايتهم عنهم تصديقاً لهم وإنما هي على سبيل التقييد والاعتبار، فإذا جاء دور النقد جروا على ما عرفوه، فما ثبت عما رواه هؤلاء برواية غيرهم منأهل الصدق قبلوه، وما لم يثبت فإن كان مما يقرب وقوعه لم يرو بذكره بأساً وإن لم يكن حجة، وإن كان مما يستبعد أنكروه، فإن اشتد البعد كذبوه، وهذا التفصيل هو الحق المعقول، ومعلوم أن الكذوب قد يصدق فإذا صدقناه حيث عرفنا صدقه واستأنسنا بخبره حيث يقرب صدقه لم يكن علينا – بل إن لم يكن لنا - أن نصدقه حيث لم يتبين لنا صدقه، فكيف إذا تبين لنا كذبه؟

أما القواعد النظرية قديمها وحديثها فحقها أن تضاف- كما أشار إليه الدكتور – إلى القواعد السندية بعد داسة الناقد لهذه دراسة وافية وإيفائها حقها. فأما الأثبات، أو الاستدلال به على صدق الحكايات الواهية فضرره أكثر من نفسه، كثيراً ما يبلغنا حدوث حادثة في عصرنا هذا فترى صحتها لأننا نرى أن الأسباب تستدعيها وتكاد توجب وقوعها، ثم يتبين أنها لم تقع، وتبلغنا واقعة فترتاب فيها

<<  <   >  >>