ونكاد نجزم تكذيبها، ثم تبين أنها وقعت/ فإن قيل: إنما ذلك لخطئنا في اعتقاد أن هذا سبب أو مانع، أو في تقدير قوته، أو لجهلنا بأسباب وموانع أخرى أقوى مما عرفناه، قلت: فإذا كان هذا جهلنا بزماننا ومكاننا وبيئتنا، فكيف بما مضى عليه بضعة عشر قرناً؟
ومما يجب التنبيه له أنه قد يثبت من جهة السند نص يستنكره بعض النقاد، وحق مثل هذا أن لا يبادر إلى رده، بل يمعن النظر في أمرين: الأول معنى النص، فقد يكون المراد منه معنى غير الذي استنكر، الثاني سبب الاستنكار فكثيراً ما يجئ الخلل من قبله
وقد تقضي القرآن وقوع أمر سكت عنه الروايات الصحيحة وترد رواية واهبة السند فيها ما يؤدي ذاك الأمر في الجملة فيبادر الناقد إلى تثبيتها، وفي هذا ما فيه، ألا ترى أنه قد يجيئك شخص ضربه آخر فنسأله: لم ضربك؟ فيقول: بلا سبب، فترتاب في صدقه، فإذا جاء خصمة فقال إنما ضرته لأنه سبني سباً شنيعاً، قال كيت وكيت، ظننت أنه صادق في الجملة، أي أنه قد كان سب، ولكنه قد يكون دون ما ذكره الضارب بكثير، فالصواب أن نذكر الرواية وأنها واهية السند، ثم يقال: ولكن القرآن تقتضي أنه قد كان شيء من ذاك القبيل هذا هو مقتضي التحقيق والأمانة
ثم قال أبو رية ص ٣٢٨ «طالب الحديث بغير فقه ... »
أقول: قال أبو رية ص٤٦ «وروى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكبير أصاب أرضاً، منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب بها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ»