إذا طبق هذا الحديث على أهل الحديث فثقاتهم كل هم داخلون في الفرقتين الأوليين المحمودتين، راجع فتح الباري ١٦١:١ وفي حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي وغيره، «نضر الله امرءا سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه» . فشمل الدعاء كما ترى من حفظ وبلغ وإن لم يكن فقيهاً
وذكر عن الثوري «لو كان الحديث خيراً لذهب كما ذهب الخير»
أقول: لم يقصد نفي الخير عن هذا الحديث نفسه، كيف والقرآن خير كله ولم يذهب ولا عن طلب الحديث جملة / فإن المتواتر المعلوم قطعاً عن الثوري خلاف ذلك، وإنما قصد أن كثيراً من الناس يطلبون الحديث لغير وجه الله وذلك أنه رأى أن الرغبة في الخير لمحض لم تزل تقل، كانت في الصحابة أكثر منها في التابعين، وفي كبار التابعين أكثر منها في صغارهم وهلم جرا، وفي جانب ذلك يعني أن كثيراً ممن يطلب الحديث يطلبه ليذكر ويشتهر ويقصده الناس ويجتمعوا حوله ويعظموه. وأقول: إن العليم الخبير أحكام الحاكمين كما شرع الجهاد في سبيله لإظهار دينه، ومع ذلك يسر ما يرغب فيه من جهة الدنيا، فكذلك شرع حفظ السنة وتبليغها، ومع ذلك يسر ما يرغب في ذلك من جهة الدنيا، لأنه كما يحصل بالجهاد عن الإسلام وإن قل ثواب بعض المجاهدين فكذلك يحصل بطلب الحديث وحفظ وحفظ االدين ونشره وإن قل أجر بعض الطالبين
وذكر أبو رية ص٣٣٠ كلمات لبعض المحدثين في ذم أهل الحديث يعنون طلابه، التقطها من كتاب العلم لابن عبد البر وقد قال ابن عبد البر هناك ١٢٥:٢ «وهذا كلام خرج على ضجر، وفيه لأهل العلم نظر» وإيضاح ذلك أن الرغبة في طلب الحديث كانت في القرون الأوى شديدة، وكان إذا اشتهر شيخ ثقة معمر مكثر