للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإنَّه إذا صار الحفاةُ العراةُ رعاءُ الشاءِ - وهم أهلُ الجهل والجفاء - رؤوسَ الناس، وأصحابَ الثروة والأموال، حتّى يتطاولوا في البنيان، فإنَّه يفسد بذلك نظامُ الدين والدنيا، فإنَّه إذا رَأَسَ الناسَ مَنْ كانَ فقيراً عائلاً، فصار ملكاً على الناس، سواء كان مُلكُه عاماً أو خاصاً في بعض الأشياء، فإنَّه لا يكادُ يعطي الناسَ حقوقَهم، بل يستأثر عليهم بما استولى عليهم من المال، فقد قال بعض السَّلف: لأنْ تمدَّ يدكَ إلى فم التِّنين، فيقْضمها، خيرٌ لك من أنْ تمدَّها إلى يد غنيٍّ قد عالج الفقرَ (١). وإذا كان مع هذا جاهلاً جافياً، فسد بذلك الدين؛ لأنَّه لا يكون له همة في إصلاح دين الناس ولا تعليمهم، بل هِمته في جباية المال واكتنازه، ولا يُبالي بما فسد من دينِ (٢) الناسِ، ولا بمن ضاعَ من أهل

حاجاتهم.

وفي حديثٍ آخر: «لا تقوم الساعةُ حتى يسودَ كُلَّ (٣) قبيلة منافقوها» (٤).

وإذا صار ملوكُ الناس ورؤوسُهم على هذه الحال، انعكست سائرُ الأحوال، فصُدِّقَ الكاذبُ، وكُذِّبَ الصادقُ، وائتُمِنَ الخائنُ، وخوِّنَ الأمينُ، وتكلَّمَ الجاهلُ، وسكتَ العالم، أو عُدِمَ بالكلية، كما صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

«إنّ من أشراط الساعة أن يُرفَعَ العلمُ، ويظهر الجهلُ» (٥) وأخبر: «أنَّه يقبضُ العلمُ بقبض

العلماء، حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً،


(١) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٧/ ٢٢ - ٢٣ من قول سفيان الثوري.
(٢) في (ص): «بذلك الدين».
(٣) سقطت من (ص).
(٤) أخرجه: البزار (٣٤١٦) (كشف الأستار)، والطبراني في " الكبير " (٩٧٧١)
و (١٠٥٥٦)، وابن عدي في " الكامل " ٣/ ٢٢١ من حديث عبد الله بن مسعود، به. الروايات مطولة ومختصرة، وهو حديث ضعيف.
وأخرجه: الطبراني في " الأوسط " (٧٧١٥) من حديث أبي بكرة، به.
(٥) أخرجه: معمر في " جامعه " (٢٠٨٠١)، والطيالسي (١٩٨٤)، وأحمد ٣/ ٩٨ و ١٥١ و ١٧٦ و ٢٠٢ و ٢١٣ و ٢٧٣ و ٢٨٩، وعبد بن حميد (١١٩٢)، والبخاري ١/ ٣٠ (٨٠) و (٨١) و ٨/ ٢٠٣ (٦٨٠٨) وفي " خلق أفعال العباد "، له (٤٣)، ومسلم ٨/ ٥٨
(٢٦٧١) (٨) و (٩)، وابن ماجه (٤٠٤٥) والترمذي (٢٢٠٥)، والنسائي في
" الكبرى " (٥٩٠٥) و (٥٩٠٦) من حديث أنس بن مالك، به.

<<  <   >  >>