للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ورواية الإمام أحمد تدلُّ على أنَّ الجنين لا يُكسى اللَّحمَ إلاَّ بعد مئةٍ وستِّين

يوماً، وهذه غلطٌ بلا ريبَ، فإنَّه بعد مئة وعشرينَ يوماً يُنفخُ فيه الرُّوحُ بلا ريب

كما سيأتي ذكره، وعلي بنُ زيدٍ: هو ابنُ جُدْعان، لا يحتجُّ به (١). وقد ورد في

حديث حذيفة بن أسيدٍ ما يدلُّ على خلقِ اللَّحمِ والعِظام في أوَّلِ الأربعين الثانية،

ففي "صحيح مسلم" (٢) عن حُذيفة بن أسيدٍ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مرّ بالنُّطفة ثنتان وأربعونَ ليلةً، بعثَ الله إليها مَلَكاً، فصوَّرها وخلق سمعها وبصرَها وجِلدَها ولحمَها وعِظامَها، ثُمَّ قال: يا ربِّ أذكرٌ أم أُنثى؟ فيَقضي ربُّك ما شاءَ، ويكتبُ الملَكُ، ثُمَّ يقولُ: يا ربِّ، أجله؟ فيقول: ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثُمَّ يقول: يا ربِّ، رزقُه؟ فيقضي ربُّك ما شاء، ويكتُبُ الملَكُ، ثم يخرُجُ الملكُ بالصَّحيفة في يده فلا يزيد على ما أُمِرَ ولا ينقُصُ».

وظاهر هذا الحديث يدلُّ على أنَّ تصويرَ الجنين وخلقَ سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه يكون في أوَّل الأربعين الثانية، فيلزمُ من ذلك أنَّ يكون في الأربعين الثانية لحماً وعظاماً.

وقد تأوَّل بعضهم ذلك على أنَّ المَلَك يقسِمُ النُّطفةَ إذا صارت علقةً إلى

أجزاء،

فيجعلُ بعضَها للجلد، وبعضها للحم، وبعضها للعظام، فيقدِّر ذلك كلَّه قبل وجوده. وهذا خلافُ ظاهر الحديث، بل ظاهرُه أنَّه يصوِّرها ويخلُق هذه الأجزاء كلها، وقد يكونُ خلقُ ذلك بتصويره وتقسيمه قبل وُجودِ اللحم والعظام، وقد يكون هذا في بعض الأجِنَّةِ دُونَ بعض.

وحديث مالكِ بنِ الحويرث المتقدِّم يدلُّ على أنَّ التصويرَ يكونُ للنُّطفة أيضاً في اليوم السابع، وقد قال الله - عز وجل -: {إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} (٣) وفسَّرَ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ أمشاجَ النُّطفةِ بالعُروقِ التي فيها (٤).


(١) انظر: التاريخ الكبير ٦/ ١٠٦ - ١٠٧ (٨٤٦٠)، والجرح والتعديل ٦/ ٢٤٠ (١٠٢١)، والمجروحين ٢/ ١٠٣، وميزان الاعتدال ٣/ ١٢٧ (٥٨٤٤).
(٢) ٨/ ٤٥ (٢٦٤٤) (٢) و ٨/ ٤٦ (٢٦٤٥) (٤).
(٣) الإنسان: ٢.
(٤) زاد بعدها في (ص): «قال: من أمشاج»، وقال زيد بن أسلم: الأمشاج العروق التي في النطفة. انظر: تفسير الطبري (٢٧٧٠٩).

<<  <   >  >>