للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وخرَّج ابن أبي حاتم (١) بإسناده (٢) عن أبي ذر، قال: إنَّ المني يمكثُ في الرَّحم أربعينَ ليلةً، فيأتيه مَلَكُ النُّفوس، فيعرج به إلى الجبَّار - عز وجل -، فيقول: يا ربّ أذكرٌ أم أنثى؟ فيقضي الله - عز وجل - ما هو قاضٍ، ثم يقول: يا ربّ، أشقيٌّ أم سعيد؟ فيكتب ما هو لاقٍ بين يديه، ثم تلا أبو ذر من فاتحة سورة التغابن إلى قوله:

{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (٣).

وهذا كله يوافق ما في حديث حذيفة بن أسيدٍ. وقد تقدم عن ابن عباس أنَّ كتابة الملَكِ تكونُ بعدَ نفخِ الروح بأربعين ليلة وأنَّ إسناده فيه نظر.

وقد جمع بعضُهم بين هذه الأحاديث والآثار، وبينَ حديث ابن مسعود، فأثبت الكتابة مرَّتين، وقد يقال مع ذلك: إنَّ إحداهما في السماء والأخرى في بطن الأم، والأظهر - والله أعلم - أنَّها مرَّة واحدة، ولعلَّ ذلك يختلف باختلاف الأجنَّة، فبعضهم يُكتب له ذلك بعد الأربعين الأولى، وبعضهم بعد الأربعين الثالثة (٤). (٥)

وقد يقال: إنَّ لفظة «ثُمَّ» في حديث ابن مسعود إنَّما أريد به ترتيب الإخبار، لا ترتيب المخبر عنه في نفسه (٦)، والله أعلم.

ومن المتأخرين من رجَّح أنَّ الكتابة تكونُ في أوَّل الأربعين الثانية، كما دلَّ عليه حديث حذيفة بن أسيد، وقال: إنَّما أخر ذكرها في حديث ابن مسعود إلى ما بعد ذكر المضغة، وإنْ ذكرت بلفظ «ثم» لئلا ينقطع ذكرُ الأطوار الثلاثة التي يتقلب فيها الجنين وهي كونه: نطفة وعلقة ومضغة، فإنَّ ذكر هذه الثلاثة على نسق واحد أعجبُ وأحسنُ، ولذلك أخَّر المعطوف عليها، وإنْ كان المعطوف (٧) متقدماً على بعضها في


(١) في " تفسيره " (١٨٩٠٢).
وأخرجه: الطبري في " تفسيره " (٢٦٤٨٩)، وطبعة التركي ٢٣/ ٦، والفريابي في "القدر" (١٢٣)، وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة.
(٢) لم ترد في (ص).
(٣) التغابن: ٣.
(٤) في (ص): «الثانية».
(٥) انظر: فتح الباري ١١/ ٥٩٢.
(٦) انظر: فتح الباري ١١/ ٥٩١.
(٧) سقطت من (ص).

<<  <   >  >>