للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الترتيب (١)، واستشهد لذلك بقوله تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} (٢)، والمراد بالإنسان: آدم - عليه السلام - (٣)، ومعلومٌ أنَّ تسويته، ونفخ الرُّوح فيه، كان قبل (٤) جعلِ نسلِهِ من سُلالة من ماء مهين، لكن لما كان المقصود ذكر قدرة الله - عز وجل - في مبدأ خلق آدم وخلق نسله، عطف أحدهما على الآخر، وأخَّر ذكرَ تسوية آدم ونفخ الرُّوح فيه، وإنْ (٥) كان ذلك متوسطاً بين خلق آدم من طين وبين خلق نسله، والله أعلم.

وقد ورد أنَّ هذه الكتابة تكتب بين عيني الجنين، ففي " مسند البزار " (٦) عن

ابن عمر رضي الله عنهما، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا خلَقَ الله النسمةَ، قال مَلَكُ

الأرحام: أي ربِّ أذكرٌ أم أنثى؟ قالَ: فيقْضِي الله إليه أمره، ثُمَّ يقول: أي ربِّ

أشقيٌّ أم سعيدٌ؟ فيقضي الله إليه أمره، ثُمَّ يكتب بَيْنَ عينيه ما هوَ لاقٍ حتَّى النَّكبة يُنكَبُها».

وقد رُوي موقوفاً على ابن عمر (٧) غير مرفوع، وحديثُ حذيفةَ بن أسيد المتقدم صريحٌ في أنَّ الملك يكتبُ ذلك في صحيفةٍ،

ولعلَّه يكتب في صحيفة، ويكتب بين عيني الولد.

وقد روي أنَّه يقترِنُ بهذه الكتابة أنَّه يُخلق مع الجنين ما تضمنته من صفاته القائمة به، فرُوي عن عائشة، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الله إذا أراد أنْ يَخلُق الخلق، بعث مَلَكاً، فدخلَ الرَّحِمَ، فيقول: أي ربِّ، ماذا؟ فيقول: غلامٌ أو جاريةٌ أو ما شاء الله أنْ يخلُق في الرحم، فيقول: أي ربِّ، أشقيٌّ أم سعيدٌ؟ فيقول: ما شاء الله، فيقول: يا رب ما أجلُه؟ فيقول: كذا وكذا، فيقول: ما خلقه؟ ما خلائِقُه؟


(١) «في الترتيب» سقطت من (ص).
(٢) السجدة: ٧ - ٩.
(٣) انظر: تفسير الطبري (٢١٤٩٢) و (٢١٤٩٣)، وتفسير البغوي ٣/ ٥٩٥.
(٤) سقطت من (ص).
(٥) من قوله: «لما كان المقصود ذكر … » إلى هنا سقط من (ص).
(٦) في " كشف الأستار " (٢١٤٩)، وسنده قويٌّ، وأخرجه أبو يعلى (٥٧٧٥)، وابن حبان (٦١٧٨).
(٧) في (ص): «وقد روي عن ابن عمر».

<<  <   >  >>