للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العُلماءُ فيه: هل عملُه مردودٌ من أصله، أو أنَّه غير مردود، وتبرأ به الذِّمَّةُ من عُهدة الواجب؟ وأكثرُ الفُقهاء على أنَّه ليس بمردود من أصله، وقد حكى

عبدُ الرحمان بنُ مهدي، عن قومٍ من أصحاب الكلامِ يقال لهم: الشِّمريَّة أصحاب أبي شمر أنَّهم يقولون: إنَّ من صلَّى في ثوبٍ كان في ثمنه درهمٌ حرامٌ أنَّ عليه إعادة صلاته، وقال: ما سمعتُ قولاً أخبثَ مِن قولهم، نسأل الله العافية (١)،

وعبد الرحمان بنُ مهدي من أكابر فُقهاء أهل الحديث المطَّلعين على مقالات

السَّلف، وقد استنكر هذا القول وجعله بدعةً، فدلَّ على أنَّه لم يُعلم عن أحدٍ من السَّلف القولُ بإعادة الصَّلاة في مثل هذا.

ويشبه هذا الحجُّ بمالٍ حرامٍ، وقد ورد في حديثٍ أنَّه مردودٌ على صاحبه (٢)، ولكنَّه حديث لا يثبت، وقد اختلف العلماء هل يسقط به الفرض أم لا؟

وقريب من ذلك الذَّبحُ بآلة محرَّمة، أو ذبحُ مَنْ لا يجوزُ له الذبحُ، كالسارق، فأكثرُ العلماء قالوا: إنَّه تُباح الذبيحة بذلك، ومنهم من قال: هي محرَّمةٌ، وكذا الخلاف في ذبح المُحْرِم لِلصَّيدِ، لكن القول بالتَّحريم فيه أشهرُ وأظهرُ؛ لأنَّه منهيٌّ عنه بعينه.

ولهذا فرَّق مَنْ فرَّق مِنَ العُلماء بين أنْ يكون النَّهيُ لمعنى يختصّ بالعبادة فيبطلها،

وبين أنْ لا يكون مختصاً بها فلا يبطلها، فالصلاة بالنجاسة، أو بغير طهارة، أو بغير ستارة، أو إلى غير القبلة يُبطلها، لاختصاص النهي بالصلاة بخلاف الصلاة في الغصب، ويشهدُ لهذا أنَّ الصيام لا يبطله إلاَّ ارتكابُ ما نهي عنه فيه بخصوصه، وهو جنسُ الأكل والشرب والجماع، بخلاف ما نهي عنه الصائم، لا بخصوص الصيام، كالكذب والغيبة عند الجمهور.


(١) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٩/ ٩.
(٢) أخرجه: البزار كما في " كشف الأستار " (١٠٧٩)، والطبراني في " الأوسط " (٥٢٢٨) من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من أمَّ هذا البيت من الكسب الحرام شَخَصَ في غير طاعة الله، فإذا أهل ووضع رجله في الغرز وانبعثت به راحلته وقال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك كسبك حرام، وزادك حرام، وراحلتك حرام، فارجع مأزوراً غير مأجور، وأبشر بما يسوؤك، … .. ». بلفظ البزار. وهذا الحديث في إسناده سليمان بن داود اليماني، قال البزار عقيب الحديث: «الضعف بينِّ على أحاديث سليمان، ولا يتابعه عليها أحد وهو ليس بالقوي». وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٣/ ٢٠٩ - ٢١٠ وقال: «فيه سليمان بن داود اليماني وهو ضعيف».

<<  <   >  >>