للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

محلّ اشتباه، فمن العلماء من رخص فيه أخذاً بالأصل، ومنهم من كرهه تنزيهاً، ومنهم من حرمه إذا قوي ظن النجاسة مثل أنْ يكون الكافر ممن لا تباح ذبيحتُه أو يكون ملاقياً لعورته كالسراويل والقميص، وترجع هذه المسائل وشبهها إلى قاعدةِ تعارض الأصل والظاهر، فإنَّ الأصل الطهارة والظاهر النجاسة. وقد تعارضت الأدلَّةُ في ذلك.

فالقائلون بالطهارة يستدلون بأنَّ الله أحلَّ طعام أهل الكتاب، وطعامهم إنَّما يصنعونه بأيديهم في أوانيهم، وقد أجاب النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دعوة يهودي (١)، وكان هو

وأصحابه يلبسون ويستعملون ما يجلب إليهم مما نَسَجَه الكفارُ بأيديهم (٢) من الثياب والأواني، وكانوا في المغازي يقتسمون ما وقع لهم من الأوعية والثياب، ويستعملونها، وصحَّ عنهم أنَّهم استعملوا الماء مِنْ مزادة مشركة (٣).

والقائلون بالنجاسة يستدلون بأنَّه صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سئل عن آنية أهلِ الكتابِ الذين يأكلون الخنزيرَ، ويشربون الخمر، فقال: إن لم تجدوا غيرها، فاغسلوها بالماء ثم كلوا فيها (٤).

وقد فسَّر الإمام أحمد الشبهة بأنَّها منْزلةٌ بينَ الحلال والحرام (٥)، يعني: الحلالَ المحض والحرام المحض، وقال: من اتَّقاها، فقد استبرأ لدينه، وفسَّرها تارةً باختلاط الحلال والحرام.


(١) أخرجه: ابن سعد في " طبقاته " ١/ ٣١٢، وأحمد ٣/ ٢١٠ و ٢٧٠، والضياء المقدسي في
" المختارة " ٧/ ٨٦ (٢٤٩٣) من حديث أنس بن مالك: أن يهودياً دعا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه، وهو حديث صحيح.
(٢) «بأيديهم» سقطت من (ج).
(٣) أخرجه: البخاري ١/ ٩٣ (٣٤٤) و ٤/ ٢٣٢ (٣٥٧١)، ومسلم ٢/ ١٤٠ (٨٨٢)
(٣١٢) و ٢/ ١٤١ (٦٨٢) (٣١٢)، وابن خزيمة (١١٣) و (٢٧١)، وابن حبان
(١٣٠١) و (١٣٠٢) من حديث عمران بن حصين، به.
(٤) أخرجه: أحمد ٤/ ١٩٣ و ١٩٥، والبخاري ٧/ ١١١ (٥٤٧٨) و ٧/ ١١٤ (٥٤٨٨) و ٧/ ١١٧ (٥٤٩٦)، ومسلم ٦/ ٥٨ (١٩٣٠) (٨) و ٦/ ٥٩ (١٩٣٠) (٨)، وابن ماجه (٢٨٣١) و (٣٢٠٧)، والترمذي (١٤٦٤) و (١٥٦٠ م) و (١٧٩٧)، وابن الجارود (٩١٦)، وابن حبان (٥٨٧٩) من حديث أبي ثعلبة الخشني، به.
(٥) انظر: كتاب الورع لأحمد بن حنبل: ٦٨.

<<  <   >  >>