للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واختلف العلماء: هل يُطيع والديه في الدُّخول في شيءٍ من الشُّبهة أم لا يُطيعهما؟ فرُوي عن بشر بن الحارث، قال: لا طاعة لهما في الشُّبهةِ، وعن محمد ابن مقاتل العبَّادانيِّ قال: يُطيعهما، وتوقف أحمد في هذه المسألة، وقال: يُداريهما، وأبى أنْ يُجيبَ فيها.

وقال أحمد: لا يشبعُ الرَّجل مِنَ الشُّبهة، ولا يشتري الثوبَ للتَّجمُّل من الشُّبهة، وتوقف في حدِّ ما يُؤكل وما يُلبس منها، وقال في التَّمرة يلقيها الطيرُ: لا يأكلها، ولا يأخذها، ولا يتعرَّضُ لها.

وقال الثوري في الرجل يجد في بيته الأفلُسَ أو الدَّراهِم: أحبُّ إليَّ أنْ يتنزَّه

عنها، يعني: إذا لم يدرِ من أين هي. وكان بعضُ السَّلف لا يأكلُ إلا شيئاً يعلمُ من أينَ هو، ويسأل عنه حتّى يقفَ على أصله. وقد رُويَ في ذلك (١) حديثٌ مرفوعٌ، إلا أنَّ فيه ضعفاً (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كالرَّاعي يرعى حولَ الحِمى يُوشِكُ أنْ يرتَعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حِمى، وإنَّ حِمى اللهِ محارمه»: هذا مَثَلٌ ضربه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمن وقع في الشُّبهات، وأنَّه يقرُب وقوعه في الحرام المحض، وفي بعض الروايات أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال

:

«وسأضرب لذلك مثلاً»، ثم ذكر هذا الكلامَ، فجعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَ المحرمات كالحِمى الذي


(١) سقطت من (ص).
(٢) لعله الحديث الذي أخرجه: ابن أبي الدنيا في " الورع " (١١٥)، والطبراني في " الكبير " ٢٥/ (٤٢٨)، والحاكم ٤/ ١٢٥ - ١٢٦، وأبو نعيم في " الحلية " ٦/ ١٠٥ من حديث أم =
= … عبد الله أخت شداد بن أوس، أنَّها بعثت إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن عند فطره وهو صائم، وذلك في طول النهار وشدة الحر، فرد إليها الرَّسول: «أنى لك هذا اللبن؟» قالت: من شاةٍ لي؛ فرد إليها رسولها: «أنى لك هذا الشاة؟» قالت: أشتريتها من مالي؛ فشرب، فلما كان من غد، أتت أم عبد الله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله: بعثت إليك بذلك اللبن مرثية لك من طول النهار وشدة الحرِّ، فرددت فيه إليَّ الرسول! فقال النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «بذلك أُمِرت الرسل قبلي، أنْ لا تأكل إلاّ طيباً، ولا تعمل إلاّ صالحاً» بلفظ ابن أبي الدنيا.
ذكره الهيثمي في " المجمع " ١٠/ ٢٩١ قال: «وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف»، وقال الذهبي في " تلخيص المستدرك " ٤/ ١٢٦: «ابن أبي مريم واهٍ».

<<  <   >  >>