للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تحميه الملوكُ، ويمنعون غيرهم من قُربانه، وقد جعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حول مدينته (١) اثني عشر ميلاً حمى محرَّماً لا يُقطعُ شجرُه ولا يُصادُ صيدُه (٢)، وحمى عمرُ وعثمان أماكنَ ينبت فيها الكلأ لأجل إبل الصدقة (٣).

والله - عز وجل - حمى هذه المحرَّمات، ومنع عباده من قربانها وسمَّاها حدودَه، فقال:

{تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (٤)، وهذا فيه بيان أنَّه حدَّ لهم ما أحلَّ لهم وما حرَّم عليهم، فلا يقربوا الحرامَ، ولا يتعدَّوا

الحلال، ولذلك قال في آية أخرى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٥)، وجعل من يرعى حول الحمى، أو قريباً منه جديراً بأنْ يدخُلَ الحِمى ويرتع فيه، فكذلك من تعدَّى الحلال، ووقع في الشبهات، فإنَّه قد قارب الحرام غايةَ المقاربة، فما أخلقَهُ بأنْ يُخالِطَ الحرامَ المحضَ، ويقع فيه، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّه (٦) ينبغي التباعد عن المحرَّماتِ، وأنْ يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزاً.


(١) عبارة: «حول مدينته» سقطت من (ص).
(٢) أخرجه: أحمد ٢/ ٢٧٩، ومسلم ٤/ ١١٦ (١٣٧٢) (٤٧٢) من حديث أبي هريرة.
(٣) أخرجه: البخاري ٣/ ١٤٨ (٢٣٧٠) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ الصعب ابن جثامة، قال: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حمى إلا لله ورسوله». وقال بلغنا أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع، وأنَّ عمر حمى السرف والربذة.
وأخرجه: ابن أبي شيبة (٢٣١٩٣) من حديث ابن عمر: أنَّ عمر حمى الربذة لنعم الصدقة.
وأخرجه: ابن أبي شيبة (٣٧٦٩٠)، والبيهقي ٦/ ١٤٧ من حديث أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري، قال: سمع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنَّ وفد أهل مصر قد أقبلوا فاستقبلهم فلما سمعوا =
= … به أقبلوا نحوه، قال: وكره أنْ يقدموا عليه بالمدينة فأتوه فقالوا له: ادع المصحف وافتح السابعة وكانوا يسمون سورة يونس السابعة فقرأها حتّى أتى على هذه الآية {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ}، وقالوا له: قف. أرأيت ما حميت من الحمى، آلله أذن لك أم على الله تفترون؟ فقال: امضه، نزلت في كذا وكذا، فأما الحمى، فإنَّ عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة، فلما وليت زادت إبل الصدقة، فزدت في الحمى لما زاد في الصدقة. بلفظ البيهقي.
(٤) البقرة: ١٨٧.
(٥) البقرة: ٢٢٩.
(٦) «إلى أنّه» سقطت من (ص).

<<  <   >  >>