للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لِحبه إيَّاك، والذي يخافك عسى أنْ ينصحَك إذا شَهِدْتَ لما يخاف، ويغشك إذا

غبتَ ولا ينصحُك (١).

قال عبدُ العزيز بن رفيع: قال الحواريون لعيسى - عليه السلام -: ما الخالصُ من

العمل؟ قال: ما لا تُحِبُّ أنْ يَحْمَدَك الناسُ عليه، قالوا: فما النصحُ لله؟ قال: أنْ تبدأ بحق الله تعالى قبل حق الناس، وإنْ عَرَض لكَ أمران: أحدهما لله، والآخرُ للدنيا، بدأت بحقِّ الله تعالى (٢).

قال الخطابيُّ: النصيحةُ كلمةٌ يُعبر بها عن جملة هي إرادةُ الخيرِ للمنصوح له، قال: وأصلُ النصح في اللغة الخُلوص، يقال: نصحتُ العسل: إذا خلصتَه من الشمع.

فمعنى النصيحة لله سبحانه: صحةُ الاعتقادِ في وحدانيته، وإخلاصُ النية في

عبادته، والنصيحة لكتابه: الإيمانُ به، والعمل بما فيه، والنصيحة لرسوله: التصديق بنبوّته، وبذل الطاعة له فيما أمَرَ به، ونهى عنه، والنصيحةُ لعامة المسلمين: إرشادُهم إلى مصالحهم. انتهى (٣).

وقد حكى الإمامُ أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي في كتاب " تعظيم قدر

الصَّلاة " (٤) عن بعض أهلِ العلم أنَّه فسَّر هذا الحديث بما لا مزيدَ على حسنه، ونحن نحكيه هاهنا بلفظه. قال محمد بن نصر: قال بعض أهل العلم: جماعُ تفسير النصيحة هو عنايةُ القلب للمنصوح له مَنْ كان، وهي على وجهين: أحدهما

فرض، والآخر نافلة، فالنصيحةُ المفترضة لله: هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما

افترض، ومجانبة ما حرَّم.


(١) انظر: التخويف من النار للمصنف: ١٧.
(٢) أخرجه: أحمد في " الزهد " (٣٠٨)، وابن أبي حاتم في " التفسير " (١٠٢٠٧) عن أبي ثمامة الصائدي، به.
وانظر: نوادر الأصول للحكيم الترمذي ٢/ ٢٧.
(٣) انظر: حاشية السندي ١/ ١٥٨.
(٤) " تعظيم قدر الصلاة " ٢/ ٦٩١ - ٦٩٤.

<<  <   >  >>