للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأما النصيحة لكتاب الله، فشدةُ حبه وتعظيمُ قدره، إذ هو كلامُ الخالق،

وشدةُ الرغبة في فهمه، وشدةُ العناية (١) لتدبره والوقوف عند تلاوتهِ؛ لِطلب معاني ما أحبَّ مولاه أنْ يفهمه عنه، ويقوم به له بعدَ ما يفهمه، وكذلك الناصحُ من العباد يفهم وَصِيَّةَ من ينصحه، وإنْ ورد عليه كتابٌ منه، عُني بفهمه ليقوم عليه بما كتب به فيه إليه، فكذلك الناصحُ لِكتاب ربه، يعنى بفهمه؛ ليقوم لله بما أمر به كما يحب ويرضى، ثم يَنْشُرُ ما فهم في العباد ويُديم دراسته بالمحبة له، والتخلق بأخلاقه، والتأدُّب بآدابه.

وأما النصيحة للرسولِ - صلى الله عليه وسلم - في حياته: فبذل المجهود في طاعته ونصرته ومعاونته، وبذل المال إذا أراده والمسارعة إلى محبته. وأما بعد وفاته: فالعناية بطلب سنته، والبحث عن أخلاقه وآدابه، وتعظيم أمره، ولزوم القيام به، وشدَّة الغضب، والإعراض عمَّن تديَّن بخلاف سنته، والغضب على من ضيعها لأثرة دنيا، وإنْ كان متديناً بها، وحبّ مَنْ كان منه بسبيلٍ من قرابة، أو صِهرٍ، أو هِجرةٍ أو نُصرةٍ، أو صحبة ساعة من ليلٍ أو نهارٍ على الإسلام والتشبه به في زيِّه ولباسه.

وأما النصيحةُ (٢) لأئمة المسلمين: فحبُّ صلاحِهم ورشدهِم وعدلهم، وحبُّ اجتماع الأمة عليهم، وكراهةُ افتراقِ الأمة عليهم، والتدينُ بطاعتهم في طاعة الله - عز وجل -، والبغضُ لمن رأى الخروجَ عليهم، وحبُّ (٣) إعزازهم في طاعة الله - عز وجل -.

وأما النصيحةُ للمسلمين: فأنْ يُحِبَّ لهم ما يُحِبُّ لنفسه، ويكره لهم

ما يكره لنفسه، ويُشْفِقَ عليهم، ويرحمَ صغيرهم، ويُوَقِّرَ كبيرَهم، ويَحْزَنَ

لحزنهم، ويفرحَ لفرحهم، وإنْ ضرَّه ذلك في دنياه كرخص أسعارهم، وإنْ

كان في ذلك فواتُ ربح ما يبيعُ من تجارته، وكذلك جميعُ ما يضرُّهم عامة، ويحب صلاحَهم وألفتَهم ودوامَ النعم عليهم، ونصرَهم على عدوهم، ودفعَ كل أذى ومكروه عنهم.


(١) عبارة: «فهمه وشدة العناية» سقطت من (ص).
(٢) زاد بعدها في (ص): «لكتابه».
(٣) سقطت من (ص).

<<  <   >  >>