للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي إسناده مقال (١)، والطيب هنا: معناه

الطاهر (٢).

والمعنى: أنَّه تعالى مقدَّسٌ منَزَّه عن النقائص والعيوب كلها، وهذا كما في قوله: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُون} (٣)، والمراد: المنزهون من أدناس الفواحش وأوضَارها (٤).

وقوله: «لا يقبل إلا طيباً» قد ورد معناه في حديث الصدقة، ولفظُه: «لا يتصدَّق أحدٌ بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً … » (٥)، والمراد أنَّه تعالى لا يقبل مِن الصدقات إلا ما كان طيباً حلالاً.

وقد قيل: إنَّ المراد في هذا الحديث الذي نتكلم فيه الآن بقوله: «لا يقبلُ الله إلا طيباً» أعمُّ مِنْ ذلك، وهو أنَّه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً من المفسدات كلِّها، كالرياء والعُجب، ولا من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً، فإنَّ الطيب تُوصَفُ به الأعمالُ والأقوالُ والاعتقاداتُ، فكلُّ هذه تنقسم إلى طيِّبٍ وخبيثٍ.

وقد قيل: إنَّه يدخل في قوله تعالى: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} (٦) هذا كلُّه (٧).

وقد قسَّم الله تعالى الكلام إلى طيب وخبيث، فقال: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة} (٨)، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} (٩)، وقال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (١٠)، ووصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنَّه يحلُّ الطيبات ويحرِّمُ الخبائث.


(١) في سنده: «خالد بن إلياس»، قال النسائي في " الضعفاء والمتروكون " (١٧٢)
: «مدني متروك الحديث»، وقال ابن حبان في " المجروحين " ١/ ٢٧٩: «يروي الموضوعات عن الثقات حتى يسبق إلى القلب أنَّه الواضع لها».
(٢) انظر: لسان العرب ٨/ ٢٣٥.
(٣) النور: ٢٦.
(٤) في (ص): «ظاهرها وباطنها». والأوضار: جمع وضر وهو وسخ الدسم واللبن. انظر: لسان العرب ١٥/ ٣٢٥.
(٥) أخرجه: ابن المبارك في " الزهد " (٦٤٨)، وأحمد ٢/ ٤١٨، والبخاري ٢/ ١٣٤
(١٤١٠)، ومسلم ٣/ ٨٥ (١٠١٤) (٦٣) و (٦٤)، وابن ماجه (١٨٤٢)، والترمذي (٦٦١)، والبغوي (١٦٣٢) من طرق عن أبي هريرة، به.
(٦) المائدة: ١٠٠.
(٧) عبارة: «هذا كله» سقطت من (ص).
(٨) إبراهيم: ٢٤.
(٩) إبراهيم: ٢٦.
(١٠) فاطر: ١٠.

<<  <   >  >>