للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد قيل: إنَّه يدخل في ذلك الأعمالُ والأقوالُ والاعتقاداتُ أيضاً، ووصف الله تعالى المؤمنين بالطيب بقوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ} (١) وإنَّ الملائكة تقولُ عند الموت: اخرُجي أيتها النفس الطَّيِّبة التي كانت في الجسد الطيِّب، وإنَّ الملائكة تسلِّمُ عليهم عندَ دُخول

الجنة، ويقولون لهم: طبتم فادخلوها خالدين (٢)، وقد ورد في الحديث أنَّ المؤمن إذا زار أخاً له في الله تقول له الملائكة: «طِبْتَ، وطابَ ممشاك، وتبوَّأْتَ من الجنة منْزلاً» (٣).

فالمؤمن كله طيِّبٌ قلبُه ولسانُه وجسدُه بما سكن في قلبه من الإيمان، وظهر على لسانه من الذكر، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان، وداخلة في اسمه، فهذه الطيباتِ (٤) كلُّها يقبلها الله - عز وجل -.

ومن أعظم ما يحصل به طيبةُ الأعمَال للمؤمن طيبُ مطعمه، وأنْ يكون من

حلال، فبذلك يزكو عملُه.

وفي هذا الحديث إشارةٌ إلى أنَّه لا يقبل العملُ ولا يزكو إلاَّ بأكل الحلال، وإنَّ أكل الحرام يفسد العمل، ويمنع قبولَه، فإنَّه قال بعد تقريره: «إنَّ الله لا يقبلُ إلاَّ طيباً» إنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} (٥)، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (٦).

والمراد بهذا أنَّ الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالاً، فالعملُ صالح مقبولٌ، فإذا كان الأكلُ غير

حلالٍ، فكيف يكون العمل مقبولاً؟


(١) النحل: ٣٢.
(٢) عبارة: «فادخلوها خالدين» لم ترد في (ج).
(٣) أخرجه: ابن المبارك في " مسنده " (٣)، وفي " الزهد "، له (٧٠٨)، وأحمد ٢/ ٣٢٦ و ٣٤٤ و ٣٥٤، وعبد بن حميد (١٤٥١)، والبخاري في " الأدب المفرد " (٣٤٥)، وابن ماجه (١٤٤٣)، والترمذي (٢٠٠٨)، وابن حبان (٢٩٦١)، والبيهقي في " شعب
الإيمان " (٩٠٢٦) وفي " الآداب "، له (٢١٩)، والبغوي (٣٤٧٢) و (٣٤٧٣) من طريق أبي سنان عيسى بن سنان، عن عثمان بن أبي سودة، عن أبي هريرة، به، وإسناده ضعيف لضعف أبي سنان عيسى بن سنان.
(٤) زاد بعدها في (ص): «التي هي الإيمان والعمل الصالح».
(٥) المؤمنون: ٥١.
(٦) البقرة: ١٧٢.

<<  <   >  >>