للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وحجك مبرورٌ غير مأزورٍ، وإذا خرج الرجلُ بالنفقة الخبيثة، فوضع رجله في الغَرْزِ، فنادى: لبَّيكَ اللهمَّ لبَّيك، ناداه منادٍ من السَّماء: لا لبَّيْكَ ولا سَعْدَيك، زادُك حرام، ونفقتُك حرام، وحجُّكَ غيرُ مبرورٍ» (١). ويُروى من حديث عمر نحوه بإسناد ضعيف أيضاً (٢).

وروى أبو يحيى القتات (٣)، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: لا يقبل الله صلاة امريءٍ في جوفه حرام.

وقد اختلفَ العلماءُ في حجِّ من حجَّ بمالٍ حرام، ومن صلَّى في ثوب حرام، هل يسقط عنه فرضُ الصلاة والحج بذلك، وفيه عن الإمام أحمد روايتان، وهذه الأحاديث المذكورة تدلُّ على أنَّه لا يتقبل العملُ مع مباشرة الحرام، لكن القبول قد يُراد به الرضا بالعمل، ومدحُ فاعله، والثناءُ عليه بين الملائكة والمباهاةُ به، وقد يُراد به حصولُ الثواب والأجر عليه، وقد يراد به سقوط الفرض به من الذمة،

فإنْ كان المراد هاهنا القبولَ بالمعنى الأوَّل أو الثاني لم يمنع ذلك من سقوط الفرض به من الذمة (٤)، كما ورد أنَّه لا تقبل صلاة الآبق، ولا المرأة التي زوجها عليها ساخطٌ، ولا من أتى كاهناً، ولا من شرب الخمر أربعين يوماً، والمراد - والله أعلم - نفي القبول بالمعنى الأوَّل أو الثاني، وهو المراد - والله أعلم - من قوله - عز وجل -: {إنَّما يَتقبَّلُ الله من المتَّقين} (٥). ولهذا كانت هذه الآية يشتدُّ منها خوفُ السَّلف على نفوسهم، فخافوا أنْ لا يكونوا من المتَّقين الذين يُتقبل منهم.

وسُئل أحمد عن معنى «المتقين» فيها، فقال: يتقي الأشياء، فلا يقع فيما لا يَحِلُّ له.


(١) في " المعجم الأوسط " (٥٢٢٨)، وإسناده ضعيف جداً، سليمان بن داود اليمامي، قال أبو حاتم: «هو ضعيف الحديث، منكر الحديث، ما أعلم له حديثاً صحيحاً». انظر: الجرح والتعديل ٤/ ١٠٨ (٤٨٧).
(٢) أخرجه: ابن عدي في " الكامل " ٣/ ٥٨٥، وفي إسناده أبو الغصن الدجين بن ثابت، قال النسائي في " الضعفاء والمتروكون " (١٧٩): «ليس بثقة».
(٣) وهو ضعيف.
(٤) من قوله: «فإن كان المراد هاهنا … » إلى هنا سقط من (ص).
(٥) المائدة: ٢٧.

<<  <   >  >>