للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَمَداً بَعِيداً} (١) وردَّه بعضهم بقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (٢)، وقوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (٣) ولكن قد أجيب عن هذا بأنَّ التائبَ يُوقف على سيئاته، ثم تبدَّل حسنات، قال أبو عثمان النَّهدي (٤): إنَّ المؤمن يُؤتى كتابَه في ستر من الله - عز وجل -، فيقرأ سيئاته، فإذا قرأ تغيَّر لها لونُه حتّى يمرَّ بحسّناته، فيقرؤها فيرجع إليه لونه، ثم ينظر فإذا سيئاتُه قد بُدِّلت حسّناتٍ، فعند ذلك يقول: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} (٥)

ورواه بعضهم عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، وقال بعضهم: عن أبي عثمان، عن سلمان (٦).

وفي " صحيح مسلم " (٧)

من حديث أبي ذرٍّ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنِّي لأعْلَمُ آخِرَ أهلِ الجنَّةِ دُخولاً الجنَّة، وآخِرَ أهلِ النار خروجاً منها، رجلٌ يُؤتَى به يوم القيامةِ فيقال: اعرضُوا عليه صِغارَ ذنوبه، وارفَعُوا عنه كِبارَهَا، فيعْرِضُ الله عليه صِغَارَ ذنوبهِ (٨)، فيقال له: عَمِلْتَ يوم كذا وكذا كذا وكذا، وعَمِلْتَ يوم كذا وكذا كذا وكذا، فيقول: نعم، لا يستطيعُ أنْ يُنكر وهو مشفقٌ من كبار ذنوبه أنْ تعرض عليهِ، فيقال له: فإنَّ لك مكانَ كُلِّ سيئةٍ حسنةً، فيقول: يا ربِّ قد عمِلْتُ أشياء لا أراها هاهنا» قال: فلقد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حتَّى بدتْ نواجذه.

فإذا بُدِّلَت السيئاتُ بالحسّنات في حقِّ من عوقِبَ على ذنوبه بالنار، ففي حقِّ من


(١) آل عمران: ٣٠.
(٢) الزلزلة: ٨.
(٣) الكهف: ٤٩.
(٤) أخرجه: ابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير": ١٩١٤، والخطيب في " تاريخه " ١١/ ٦، وطبعة دار الغرب ١٢/ ٢٥١.
(٥) الحاقة: ١٩.
(٦) أخرجه: ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير ": ١٣٦٦.
(٧) الصحيح ١/ ١٢١ (١٩٠) (٣١٤) و (٣١٥).

وأخرجه: وكيع في " الزهد " (٣٦٧)، وأحمد ٥/ ١٥٧ و ١٧٠، والترمذي (٢٥٩٦) وفي " الشمائل "، له (٢٢٩) بتحقيقي، وابن حبان (٧٣٧٥)، وابن منده في " الإيمان " (٨٤٧) و (٨٤٨) و (٨٤٩)، والبيهقي ١٠/ ١٩٠، والبغوي (٤٣٦٠).
(٨) من قوله: «وأرفعوا عنه كبارها … » إلى هنا لم يرد في (ص).

<<  <   >  >>