للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مَحى سيئاته بالإسلام والتوبة النصوح أولى؛ لأنَّ مَحْوَها بذلك أحبُّ إلى الله من محوها بالعقاب.

وخَرَّج الحاكم (١) من طريق الفَضْل بن موسى، عن أبي العَنْبس، عن أبيه، عن أبي هُريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليتَمنَّينَّ أقوامٌ أنَّهم أكثَرُوا من

السيِّئاتِ»، قالوا: بِمَ يا رسولَ الله؟ قالَ: «الذين بَدَّل الله سيئاتهم حسّنات»، وخرَّجه ابنُ أبي حاتم (٢) من طريق سليمان أبي داود (٣) الزهري، عن أبي العَنْبس، عن أبيه (٤)، عن أبي هريرة موقوفاً، وهو أشبهُ مِن المرفوع (٥)،

ويروى مثلُ هذا عن الحسن البصري أيضاً يُخالف قولَه المشهور: إنَّ التبديل في الدنيا (٦).

وأمَّا ما ذكره الحربي في التبديل، وأنَّ من قلَّت سيئاتُه يُزاد في حسناته، ومن كثرت سيئاتُه يُقَلَّلُ من حسناته، فحديثُ أبي ذرٍّ صريحٌ في ردِّ هذا، وأنَّه يُعطى مكان كلّ سيئة حسنة.

وأما قوله: يَلْزَمُ من ذلك أنْ يكون مَنْ كَثُرَت سيئاتُه أحسنَ حالاً ممن

قلَّتْ سيئاتُهُ، فيقال: إنَّما التبديلُ في حقِّ مَنْ نَدِمَ على سيئاته، وجعلها نصبَ

عينيه، فكلما ذكرها ازداد خوفاً ووجلاً، وحياء من الله، ومسارعة إلى الأعمال الصالحة المكفرة كما قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً} (٧) وما ذكرناه كله داخل في العمل الصالح ومن كانت هذه حاله، فإنَّه يتجرَّعُ من مرارة الندم والأسف على ذنوبه أضعافَ ما ذاق من حلاوتها عندَ فعلها، ويصيرُ كلُّ ذنبٍ من ذنوبه سبباً لأعمال صالحةٍ ماحية له، فلا يُستنكر بعد هذا تبديل هذه الذنوب حسنات.


(١) في " المستدرك " ٤/ ٢٥٢.
(٢) كما في " تفسير ابن كثير ": ١٣٦٦.
(٣) تحرف في (ص): «إلى سليمان بن داود».
(٤) «عن أبيه» سقطت من (ص).
(٥) على أنَّ الشيخ الألباني أورده في السلسلة الصحيحة (٢١٧٧).
(٦) انظر: تفسير القرطبي ١٣/ ٧٨.
(٧) الفرقان: ٧٠.

<<  <   >  >>