للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[رجل] (١) زنى بعد إحصانٍ فإنَّه يُرجم، ورجل خرج محارباً لله ورسوله فإنَّه يقتل أو يُصلب أو يُنفى من الأرض، أو يقتل نفساً فيقتل بها».

وهذا يدلُّ على أنَّ مَنْ وُجِدَ منه الحِراب من المسلمين، خُيِّرَ الإمامُ فيه مطلقاً، كما يقوله علماءُ أهلِ المدينة مالك وغيره (٢)، والرواية الأولى قد تُحمل على أنَّ المرادَ بخروجه عن الإسلام خروجُه عن أحكام الإسلام (٣)، وقد تُحمل على ظاهرها، ويستدلُّ بذلك مَنْ يقول: إنَّ آيةَ (٤) المحاربة تختصُّ بالمرتدين (٥)،

فمن ارتدَّ وحارب

فُعِل به ما في الآية، ومن حارب من غيرِ رِدَّةٍ، أقيمت عليه أحكامُ المسلمين مِنَ القِصاص والقطع في السرقة، وهذا رواية عن أحمد لكنَّها غيرُ مشهورةٍ عنه، وكذا قالت طائفة من السَّلف: إنَّ آية المحاربة تختصُّ بالمرتدين، منهم: أبو قِلابة

وغيرُه (٦).

وبكلِّ حالٍ فحديث عائشة ألفاظُه مختلفةٌ، وقد روي عنها مرفوعاً، وروي عنها موقوفاً، وحديثُ ابنِ مسعودٍ لفظه لا اختلاف فيه، وهو ثابت متفق على صحته، ولكن يُقال على هذا: إنَّه قد ورد قتلُ المسلم بغير إحدى هذه الخصال الثلاث:

فمنها: في اللواط، وقد جاء من حديثِ ابن عباس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال

: «اقتُلوا


(١) ما بين المعكوفتين زيادة من " سنن أبي داود ".
(٢) انظر: بداية المجتهد ٢/ ٨١٦.
(٣) انظر: نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب ٤/ ٥٩٧ - ٥٩٨.
(٤) لم ترد في (ص).
(٥) انظر: تفسير البغوي ٢/ ٤٣، والدر المنثور ٢/ ٤٩٢.

قال ابن قدامة في " المغني " ١٠/ ٢٩٧: «وهذه الآية في قول ابن عباس وكثير من العلماء نزلت في قطاع الطريق من المسلمين، وبه يقول مالك والشافعي، وأبو ثور وأصحاب الرأي، وحكي عن ابن عمر أنَّه قال: نزلت هذه الآية في المرتدين، وحكي ذلك عن الحسن وعطاء وعبد الكريم؛ لأنَّ سبب نزولها قصة العرنيين، وكانوا ارتدوا عن الإسلام وقتلوا الرعاة، فاستاقوا إبل الصدقة، فبعث النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من جاء بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم، وألقاهم في الحرة حتىّ ماتوا، قال أنس: فأنزل الله تعالى في ذلك {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ} المائدة: ٣٣.
(٦) انظر: الهداية للكلوذاني ٢/ ٢٧٨ بتحقيقنا، والمغني ١٠/ ٣٠٣، ومنتهى الإرادات ٢/ ٤٩١، ونيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب ٤/ ٥٨٧ - ٥٨٨.

<<  <   >  >>