للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإنَّ قيل: بل استثناء هذا ممَّن يعصم دَمُه من أهل الشهادتين يدلُّ على أنَّه يقتل ولو كان مقراً بالشهادتين، كما يقتل الزاني المُحصَن، وقاتل النفس، وهذا يدلُّ على أنَّ المرتدَّ لا تُقبل توبتُه (١)، كما حُكي عن الحسن، أو أنْ يحمل ذلك على منِ ارتدَّ ممَّن وُلِدَ على الإسلام، فإنَّه لا تُقبل توبتُه (٢)، وإنَّما تقبل توبةُ مَنْ كانَ كافراً، ثم أسلم، ثم ارتدَّ على قول طائفةٍ من العلماء، منهم: الليثُ بنُ سعدٍ، وأحمد في رواية عنه، وإسحاق. قيل: إنَّما استثناه من المسلمين باعتبار ما كان عليه قبْلَ مفارقة دينه كما سبق تقريره، وليس هذا كالثيبِ الزَّاني، وقاتل النفس؛ لأنَّ قتلَهُما وَجب عقوبةً لجريمتهما الماضية، ولا يُمكن تلافي ذلك (٣).

وأمَّا المرتدُّ، فإنَّما قُتِلَ لوصفٍ قائمٍ به في الحال، وهو تركُ دينه ومفارقةُ الجماعة، فإذا عاد إلى دينِهِ، وإلى موافقته الجماعة، فالوصف الذي أُبيح به دمُه قدِ انتفى، فتزولُ إباحةُ دمِهِ، والله أعلم (٤).

فإنْ قيل: فقد خرَّج النَّسائي (٥) من حديث عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ إلاَّ بإحدى ثلاث خصالٍ: زانٍ محصن يُرجَمُ، ورَجُلٍ قتل متعمداً فيُقتل، ورجلٍ يخرجُ من الإسلام فحارب الله ورسوله فيقتل، أو يُصلب، أو يُنفى من الأرض». وهذا يدلُّ على أنَّ المرادَ من جمع بين الردَّة والمحاربة.

قيل: قد خرَّج أبو داود (٦)

حديث عائشة بلفظ آخر، وهو أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحلُّ دَمُ امرئٍ مسلمٍ يشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله إلا في إحدى (٧) ثلاث:


(١) انظر: المغني ١٠/ ٧٦، والواضح في شرح مختصر الخرقي ٤/ ٣٨٤.
(٢) من قوله: «كما حكي عن الحسن … » إلى هنا سقط من (ص).
(٣) انظر: المغني ١٠/ ٧٦، والواضح في شرح مختصر الخرقي ٤/ ٣٩٤.
(٤) انظر: المغني ١٠/ ٧٦.
(٥) في " المجتبى " ٧/ ١٠١ - ١٠٢، وفي " الكبرى " (٣٥١١)، وهو صحيح.
(٦) في " سننه " (٤٣٥٣).

وأخرجه: النسائي ٧/ ١٠١ - ١٠٢ و ٨/ ٢٣ وفي " الكبرى "، له (٣٥١١) و (٦٩٤٥)، وهو حديث صحيح.
(٧) في " سنن أبي داود ": «بإحدى».

<<  <   >  >>