للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هل يخرج من الدِّين بالكُلِّيَّة بذلك أم لا؟ فمن رآه خروجاً عنِ الدِّين، كان عنده كتركِ الشَّهادتين وإنكارهما،

ومن لم يره خروجاً عن الدِّين، فاختلفوا هل يلحقُ بتارك الدِّين في القتل، لكونه ترك أحدَ مباني الإسلام أم لا؟ لكونه لم يخرج عن الدِّين.

ومِنْ هذا الباب ما قاله كثيرٌ من العلماء في قتل الدَّاعية إلى البدع، فإنَّهم نظروا إلى أنَّ ذلك شبيهٌ بالخروج عَنِ الدِّين، وهو ذريعةٌ ووسيلة إليه، فإن استخفى بذلك ولم يَدْعُ غيرَه، كان حُكمُه حكمَ المنافقين إذا استخفَوا، وإذا دعا إلى ذلك، تَغَلَّظ جرمُه بإفساد دين الأمة (١). وقد صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الأمر بقتال الخوارج وقتلهم (٢). وقد اختلف العلماء في حكمهم.

فمنهم من قال: هم كفَّارٌ، فيكون قتلُهم لكفرهم (٣).

ومنهم من قال: إنَّما يُقتلون لفسادهم في الأرض (٤) بسفكِ دماءِ المسلمين وتكفيرهم لهم، وهو قولُ مالكٍ وطائفة من أصحابنا، وأجازوا الابتداء بقتالهم، والإجهازَ على جريحهم.

ومنهم من قال: إن دَعَوْا إلى ما هُمْ عليه، قوتلوا، وإنْ أظهروه ولم يدعوا إليه لم يُقاتلوا، وهو نصُّ أحمد وإسحاق، وهو يرجع إلى قتال من دعا إلى بدعة مغلظة.

ومنهم من لم يرَ البداءة بقتالهم حتّى يبدءوا بقتالٍ يُبيح قتالَهم مِنْ سفك دماءٍ

ونحوه، كما رُوِيَ عن عليٍّ، وهو قولُ الشافعي وكثيرٍ من أصحابنا (٥).


(١) الإيمان لابن تيمية: ٢٢٥ - ٢٢٦، والولاء والبراء في الإسلام: ٣٠٨.
(٢) أخرجه: الطيالسي (١٦٨)، وأحمد ١/ ٨١ و ١١٣ و ١٣١ و ١٥٦، والبخاري ٤/ ٢٤٤
(٣٦١١) و ٦/ ٢٤٣ (٥٠٥٧) و ٩/ ٢١ (٦٩٣٠)، ومسلم ٣/ ١١٣ - ١١٤ (١٠٦٦) (١٥٤)، وأبو داود (٤٧٦٧)، والنسائي ٧/ ١١٩، وأبو يعلى (٢٦١) و (٣٢٤)، وأبو القاسم البغوي في " الجعديات " (٢٥٩٥)، وابن حبان (٦٧٣٩)، والبيهقي ٨/ ١٨٧ - ١٨٨ وفي " دلائل النبوة "، له ٦/ ٤٣٠، والبغوي (٢٥٥٤) من حديث علي بن أبي طالب، به.
(٣) انظر: فتح الباري ٦/ ٧٥٥، والمسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة ٢/ ٣٥٢.
(٤) «في الأرض» سقطت من (ص).
(٥) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم ٤/ ١٦١ - ١٦٣.

<<  <   >  >>