للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ربَّه والملك عن يمينه (١)». ورُوي من حديث حُذيفة مرفوعاً: «إنَّ عن يمينه كاتب الحسنات» (٢).

واختلفوا: هل يكتب كلَّ ما تكلَّم به، أو لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عِقاب؟ على قولين مشهورين. وقال عليُّ بنُ أبي طلحة، عن ابن عباس: يكتب كل ما تكلم به من خيرٍ أو شرٍّ حتى إنَّه ليكتب قوله: أكلتُ وشربتُ وذهبتُ وجئتُ، حتّى إذا كان يوم الخميسِ عُرِضَ قوله وعمله فأقرَّ ما كان فيه من خير أو شرٍّ (٣)، وألقي سائره، فذلك قولُه تعالى: {يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (٤).

وعن يحيى بن أبي كثير، قال: ركب رجل الحمارَ، فعثر به، فقال: تَعِسَ

الحمارُ، فقال صاحب اليمين: ما هي حسنة أكتبها، وقال صاحبُ الشمال: ما هي من السيئات فأكتبها، فأوحى الله إلى صاحب الشمال: ما ترك صاحبُ اليمين من شيء، فاكتبهُ، فأثبت في السيئات: «تَعِسَ الحمارُ» (٥).

وظاهر هذا أنَّ ما ليس بحسنةٍ فهو سيئة، وإنْ كان لا يُعاقب عليها، فإنَّ بعضَ السيئات قد لا يُعاقب عليها (٦)، وقد تقع مكفرةً باجتناب الكبائر، ولكن زمانها قد خسره صاحبُها حيث ذهب باطلاً، فيحصل له بذلك حسرةٌ في القيامة

وأسف عليه، وهو نوعُ عقوبة.

وخرَّج الإمامُ أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي هُريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ قوم يقومون مِنْ مجلس لا يذكُرون الله فيه، إلاَّ قاموا عن مثلِ جِيفة حمار، وكان لهم حسرة» (٧).


(١) زاد في (ص): «يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات».
(٢) أخرجه: ابن أبي شيبة (٧٤٥٥).
(٣) من قوله: «حتى إنه ليكتب … » إلى هنا سقط من (ص).
(٤) الرعد: ٣٩.
(٥) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٥٤٨٠)، وأبو نعيم في " الحلية " ٦/ ٧٦، والحسين المروزي في " زياداته على الزهد لابن المبارك " (١٠١٣).
(٦) من قوله: «فإن بعض السيئات … » إلى هنا سقط من (ص).
(٧) أخرجه: أحمد ٢/ ٣٨٩ و ٤٩٤ و ٥١٥ و ٥٢٧، وأبو داود (٤٨٥٥)، والنسائي في
" الكبرى " (١٠٢٤١)، وفي " عمل اليوم والليلة "، له (٤٠٣) و (٤٠٨)، وهو حديث قويٌّ.
وأخرجه: ابن حبان (٥٩٠) و (٥٩٢) و (٨٥٣)، وابن السني في " عمل اليوم
والليلة " (٤٤٦) وأبو الشيخ في " طبقات المحدّثين بأصبهان " ٣/ ٤٤٨، والحاكم ١/ ٤٩١ - ٤٩٢ و ٤٩٢، وأبو نعيم في " الحلية " ٧/ ٢٠٧، وفي " تاريخ أصبهان "، له ٢/ ٢٢٤، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٥٤١) من طرق عن أبي هريرة، به.

<<  <   >  >>