للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال: «كُتِبَ على ابنِ آدمَ حظُّه من الزِّنى، فهو مُدرِكٌ ذلك لا محالة» (١).

وحينئذٍ فهذا الحديث نصٌّ في وجوب الإحسّان، وقد أمر الله تعالى به،

فقال: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} (٢)، وقال: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٣).

وهذا الأمرُ (٤) بالإحسّان تارةً يكونُ للوجوب كالإحسّان إلى الوالدين والأرحام بمقدار ما يحصل به البرُّ والصِّلَةُ والإحسّانُ إلى الضيف بقدر ما يحصل به قِراه على ما سبق ذكره.

وتارةً يكونُ للندب كصدقةِ التطوعِ ونحوها (٥).

وهذا الحديثُ يدلُّ على وجوب الإحسّانِ في كل شيء من الأعمال، لكن إحسانُ كُلِّ شيء بحسبه، فالإحسّانُ في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنةِ: الإتيانُ بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القدرُ من الإحسّان فيها واجب، وأمَّا الإحسانُ فيها بإكمالِ مستحباتها فليس بواجب.

والإحسّانُ في ترك المحرَّمات: الانتهاءُ عنها، وتركُ ظاهرها وباطنها، كما

قال تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} (٦). فهذا القدرُ من الإحسّان فيها

واجب (٧).

وأما الإحسّانُ في الصبر على المقدورات، فأنْ يأتي بالصبر عليها على وجهه من غير تَسَخُّطٍ ولا جَزَع.


(١) أخرجه: أحمد ٢/ ٣١٧ و ٣٤٣ و ٣٧٩ و ٥٣٦، والبخاري ٨/ ١٥٦ (٦٦١٢)، ومسلم ٨/ ٥٢ (٢٦٥٧) (٢٠)، وأبو داود (٢١٥٢) و (٢١٥٣) و (٢١٥٤) من حديث أبي هريرة،
به.
(٢) النحل: ٩٠.
(٣) البقرة: ١٩٥.
(٤) من قوله: «وقال: فأحسنوا … » إلى هنا سقط من (ص).
(٥) انظر: الواضح في شرح مختصر الخرقي ٢/ ٩٤.
(٦) الأنعام: ١٢٠.
(٧) انظر: تفسير البغوي ٢/ ١٥٥، وزاد المسير ٣/ ١١٤.

<<  <   >  >>