للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والإحسّانُ الواجبُ في معاملة الخلق ومعاشرتهم: القيامُ بما أوجب الله من حقوق ذلك كلِّه، والإحسّانُ الواجب في ولاية الخلق وسياستهم، القيام بواجبات الولاية كُلِّها، والقدرُ الزائد على الواجب في ذلك كلِّه إحسانٌ ليس بواجب.

والإحسّانُ في قتل ما يجوزُ قتله من الناس والدواب: إزهاقُ نفسه على أسرعِ الوجوه وأسهلِها وأَوحاها من غير زيادةٍ في التعذيب، فإنَّه إيلامٌ لا حاجة إليه.

وهذا النوعُ هو الذي ذكره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، ولعله ذكره على سبيلِ المثال، أو لحاجته إلى بيانه في تلك الحال فقال: «إذا قتلتُم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة» والقِتلة والذِّبحة بالكسر، أي: الهيئة، والمعنى: أحسنوا هيئة الذبح، وهيئة القتل. وهذا يدلُّ على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يُباحُ إزهاقُها على أسهلِ الوجوه (١). وقد حكى ابنُ حَزمٍ الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة (٢)، وأسهلُ وجوه (٣) قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق، قال الله تعالى في حقِّ الكفار: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (٤)، وقال تعالى: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} (٥). وقد قيل: إنَّه عيَّن الموضع الذي يكونُ الضربُ فيه أسهلَ على المقتول وهو فوقَ العظام دونَ الدماغ، ووصى دريدُ بنُ الصِّمة قاتله أنْ يَقْتُلَهُ كذلك.

وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث سريةً تغزوا في سبيل الله قال لهم: «لا تُمَثِّلُوا ولا تقتلوا

وليداً» (٦).

وخرَّج أبو داود، وابن ماجه من حديثِ ابنِ مسعود، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال

: «أَعَفُّ

الناسِ قِتلةً أهلُ الإيمانِ» (٧).


(١) انظر: عون المعبود ٨/ ١٠.
(٢) انظر: المحلى ١٢/ ٣١ - ٣٢.
(٣) سقطت من (ص).
(٤) محمد: ٤.
(٥) الأنفال: ١٢.
(٦) أخرجه: مسلم ٥/ ١٣٩ - ١٤٠ (١٧٣١) (٣) من حديث بريدة، به.
(٧) أخرجه: أبو داود في " سننه " (٢٦٦٦)، وابن ماجه (٢٦٨١) و (٢٦٨٢).

وأخرجه: أحمد ١/ ٣٩٣، وابن الجارود (٨٤٠)، وابن حبان (٥٩٩٤)، والبيهقي ٨/ ٦١ و ٩/ ٧١ من حديث عبد الله بن مسعود، به. وإسناده معلول بالوقف، وقد حصل فيه اختلاف كبير بيانه في كتابي " الجامع في العلل ".
وأخرجه: عبد الرزاق (١٨٢٣٢)، والطبراني في " الكبير " (٩٧٣٧) من حديث عبد الله بن مسعود، موقوفاً.

<<  <   >  >>