للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الإشارةُ في القرآن بقوله - عز وجل -: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (١).

كان بعضُ السَّلف يقولُ لأصحابه: زهَّدنا الله وإيَّاكم في الحرام زهد مَنْ قَدَرَ عليه في الخلوة، فَعَلِم أنَّ الله يراه، فتركه من خشيته، أو كما قال (٢).

وقال الشافعي: أعزُّ الأشياء ثلاثة: الجودُ من قِلَّة، والورعُ في خَلوة، وكلمةُ الحقِّ عند من يُرجى ويُخاف.

وكتب ابنُ السَّماك الواعظ إلى أخٍ له: أما بعدُ، أُوصيكَ بتقوى الله الذي هو نَجِيُّكَ في سريرتك ورقيبُك في علانيتك، فاجعلِ الله من بالك على كُلِّ حالك في ليلك ونهارك، وخفِ الله بقدر قُربه منك، وقُدرته عليك، واعلم أنَّك بعينه ليس تَخرُجُ من سلطانه إلى سلطان غيره ولا من ملكه إلى مُلك غيره، فليعظم منه حَذَرُك، وليكثر منه وَجَلُكَ والسلام (٣).

وقال أبو الجلد: أوحى الله تعالى إلى نبيٍّ من الأنبياء: قُلْ لقومك: ما بالكم تسترون الذنوبَ من خلقي، وتُظهرونها لي، إنْ كنتم ترون أني لا أراكم، فأنتم مشركون بي، وإنْ كنتم تَرَونَ أني أراكم (٤) فلم جعلتموني أهونَ الناظرين إليكم؟

وكان وهيبُ بن الورد يقول: خَفِ الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه

على قدر قُربه منك (٥)، وقال له رجل: عِظني، فقال: اتَّقِ الله أنْ يكونَ أهونَ الناظرين إليك (٦). وكان بعضُ السَّلف يقول: أتراك ترحم مَنْ لم تقرَّ عينيه بمعصيتك حتَّى علم أنْ لا عين تراه غيرك؟

وقال بعضُهم: ابنَ آدم إنْ كنتَ حيث ركبتَ المعصية لم تَصْفُ لك مِن عينٍ ناظرةٍ إليك، فلما خلوتَ بالله وحده صَفَتْ لك معصيتُهُ، ولم تستحي منه حياءك من بعض خلقه، ما أنت إلا أحدُ رجلين: إنْ كنت ظننتَ أنَّه لا يراك، فقد كفرتَ، وإنْ كنت


(١) النساء: ١.
(٢) أخرجه: الدينوري في " المجالسة " (٢٠٧٨) و (٢٣٧٦)، وهو قول بكر بن عبد الله
المزني.
(٣) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٨/ ٢٠٦.
(٤) من قوله: «فأنتم مشركون بي … » إلى هنا سقط من (ص).
(٥) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٨/ ١٤٠.
(٦) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٨/ ١٤٢.

<<  <   >  >>