للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

علمتَ أنَّه يراك فلم يمنعك منه ما منعك مِن أضعف خلقه لقد اجترأت عليه (١).

دخل بعضُهم غَيضةً (٢)

ذات شجر، فقال: لو خلوتُ هاهنا بمعصيةٍ مَنْ كان يراني؟ فسمع هاتفاً بصوت ملأ الغَيْضَةَ: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ

الْخَبِيرُ} (٣) (٤).

راود بعضُهم أعرابيةً، وقال لها: ما يرانا إلا الكواكبُ، قالت: فأين مُكوكِبُها؟

رأى محمد بن المنكدر رجلاً واقفاً مع امرأة يُكلمها فقال: إنَّ الله يراكما سترنا الله وإياكما.

قال الحارثُ المحاسبي: المراقبةُ علمُ القلب بقرب الربِّ (٥). وسُئِل الجنيد بما يُستعانُ على غضِّ البصر، قال: بعلمك أنَّ نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى ما تنظره.

وكان الإمامُ أحمد يُنشِدُ:

إذا ما خَلَوْتَ الدَّهرَ يوماً فلا تَقُلْ: … خَلَوتُ ولكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقِيبُ

ولا تَحْسَبَنَّ الله يَغْفُلُ سَاعةً … ولا أنَّ ما يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ (٦)

وكان ابنُ السَّماك ينشد:

يا مُدمِنَ الذَّنْبِ أما تَستَحِي … والله في الخَلْوَةِ ثَانِيكَا

غَرَّكَ مِنْ رَبِّكَ إمْهَالُهُ … وستْرُهُ طولَ مَساوِيكَا

والمقصود: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما وصَّى معاذاً بتقوى الله سِرَّاً وعلانيةً، أرشده إلى ما يُعينه على ذلك وهو أنْ يستحييَ من الله كما يستحيي من رجلٍ ذي هيبةٍ من قومه. ومعنى ذلك: أنْ يستشعِرَ دائماً بقلبه قُرْبَ الله منه واطلاعه عليه فيستحيي من نظره إليه.


(١) سقطت من (ص).
(٢) غَيْضَة: مجمع الشجر في فيض الماء والشجر الكثير الملتف.

انظر: تاج العروس ١٨/ ٤٧١ (غيض).
(٣) الملك: ١٤.
(٤) انظر: تفسير القرطبي ١٨/ ٢١٤ بمعناه.
(٥) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ١٠/ ٩٤ بمعناه.
(٦) الأبيات من قصيدة لأبي العتاهية.

<<  <   >  >>