للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفسر أقماعُ القول بمن كانت أذناه كالقمع لما يسمع من الحكمة والموعظة الحسنة، فإذا دخل شيء من ذلك في أذنه (١) خرج من الأخرى، ولم ينتفع بشيء مما سمع.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنة» قد يُراد بالحسنة التوبة من تلك السيئة، وقد ورد ذلك صريحاً في حديث مرسَلٍ (٢) خرَّجه ابنُ أبي الدنيا من مراسيل محمد بن جُبيرٍ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: «يا معاذ اتَّقِ الله ما استطعتَ، واعمل بقوَّتِكَ لله - عز وجل - ما أطقت، واذكرِ الله - عز وجل - عند كلِّ شجرةٍ وحجر، وإن أحدثت ذنباً، فأحدث عنده توبة، إنْ سرَّاً فسر، وإنْ علانيةً فعلانية» (٣). وخرَّجه أبو نعيم (٤)

بمعناه من وجهٍ آخرَ ضعيف عن معاذ.

وقال قتادة: قال سلمان: إذا أسأتَ سيئةً في سريرةٍ، فأحسن حسنة في سريرةٍ، وإذا أسأتَ سيئةً في علانية، فأحسن حسنةً في علانية، لكي تكونَ هذه بهذه. وهذا يحتمِلُ أنَّه أراد بالحسنة التوبة أو أعمَّ منها.

وقد أخبر الله في كتابه أنَّ من تاب من ذنبه، فإنَّه يُغفر له ذنبه أو يتاب عليه في مواضع كثيرةٍ، كقوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ} (٥)، وقوله: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (٦)، وقوله: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (٧)، وقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} (٨)، وقوله: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} (٩)، وقوله: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا


(١) عبارة: «في أذنه» سقطت من (ص).
(٢) المرسل أحد أنواع الضعيف.
(٣) أخرجه: الطبراني كما في "مجمع الزوائد" ١٠/ ٧٤، وقال عنه الهيثمي: «إسناده حسن».
(٤) في " الحلية " ١/ ٢٤٠ - ٢٤١، وضعفه بسبب إسماعيل بن رافع. قال أبو حاتم
: «منكر الحديث»، وقال أحمد بن حنبل: «ضعيف». الجرح والتعديل ٢/ ١١٠

(٥٦٦).
(٥) النساء: ١٧.
(٦) النحل: ١١٩.
(٧) الفرقان: ٧٠.
(٨) طه: ٨٢.
(٩) مريم: ٦٠.

<<  <   >  >>