للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ} (١). الآيتين.

قال عبدُ الرازق: أخبرنا جعفرُ بنُ سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: بلغني أنَّ إبليسَ حين نزلت هذه الآية {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ}، بكى (٢).

ويُروى عن ابن مسعودٍ قال: هذه الآية (٣) خيرٌ لأهل الذنوب من الدنيا وما فيها (٤).

وقال ابنُ سيرين: أعطانا الله هذه الآية مكان ما جعل لبني إسرائيل في كفارات ذنوبهم.

وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قال: قال رجلٌ: يا رسولَ الله لو كانت (٥) كفاراتُنا ككفاراتِ بني إسرائيل، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -

: «اللهمَّ لا نبغيها - ثلاثاً - ما أعطاكم الله خيرٌ مما أعطى بني إسرائيل، كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة، وجدها مكتوبةً على بابه وكفارَتها، فإنْ كفَّرها كانت خزياً في الدنيا، وإنْ لم يكفِّرها كانت له خزياً في الآخرة، فما أعطاكم الله خيرٌ مما أعطى بني إسرائيل قال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً} (٦) (٧).

وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٨)، قال: هو سعةُ الإسلامِ، وما جعل الله لأمة محمد من التوبة والكفارة (٩).

وظاهر هذه النصوص تدلُّ على أنَّ من تاب إلى الله توبةً نصوحاً، واجتمعت شروطُ التوبة في حقه، فإنَّه يُقطع بقبولِ الله توبته، كما يُقطع بقبول إسلام الكافر إذا أسلم إسلاماً صحيحاً، وهذا قولُ الجمهور، وكلامُ ابن عبدِ البرِّ يدلُّ على أنَّه إجماع (١٠).


(١) آل عمران: ١٣٥.
(٢) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (٦٢٢٩).

وانظر: الدر المنثور ٢/ ١٣٧.
(٣) لم ترد في (ص).
(٤) أخرجه: ابن المنذر كما في " الدر المنثور " ٢/ ١٣٧.
(٥) من قوله: «في كفارات ذنوبهم … » إلى هنا سقط من (ص).
(٦) النساء: ١١٠.
(٧) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (١٤٧٧).
(٨) الحج: ٧٨.
(٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم ٨/ ٢٥٠٦ (١٤٠٣٤).
(١٠) انظر: التمهيد ٦/ ٣٤٠ (ط دار إحياء التراث العربي).

<<  <   >  >>