للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من حديث أبي هريرة، وهذا يدلُّ على أنَّ الكبائرَ لا تكفرها هذه الفرائضُ.

وقد حكى ابنُ عطية في " تفسيره " في معنى هذا الحديث قولين: أحدُهما

- وحكاه عن جمهور أهل السُّنة -: أنَّ اجتنابَ الكبائر شرط لتكفير هذه الفرائض للصغائر، فإنْ لم تُجتنب، لم تُكفر هذه الفرائض شيئاً بالكلية.

والثاني: أنَّها تُكفر الصغائر مطلقاً، ولا تُكفر الكبائر وإنْ وجدت، لكن بشرط التوبة من الصغائر، وعدمِ الإصرار عليها، ورجَّحَ هذا القول، وحكاه عن الحذاق (١).

وقوله: بشرط التوبة من الصغائر، وعدمِ الإصرار عليها، مرادُه أنَّه إذا أصرَّ

عليها، صارت كبيرةً، فلم تكفرها الأعمالُ. والقولُ الأوَّلُ الذي حكاه غريب، مع أنَّه قد حُكِيَ عن أبي بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا مثلُه.

وفي " صحيح مسلم " (٢) عن عثمان، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

«مَا مِن امرئ مسلمٍ تحضُرُه صلاةٌ مكتوبة، فيُحسِنُ وضوءها وخُشوعَها ورُكوعها إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب ما لم يُؤْتِ كبيرةً، وذلك الدهر كُلَّه».

وفي " مسند الإمام أحمد " (٣) عن سلمان، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتطهَّرُ الرجلُ -يعني: يوم الجمعة- فيحسن طهوره، ثم يأتي الجمعة فَيُنْصِتَ حتى يقضيَ الإمامُ صلاته، إلا كان كفَّارة ما بينه وبين الجمعة المقبلة ما اجتنبت الكبائر

المقتلة».

وخرَّج النسائي، وابنُ حبان (٤)، والحاكمُ من حديث أبي سعيدٍ وأبي هُريرة، عن


(١) انظر: التمهيد ٢/ ١٨١ (طبعة دار إحياء التراث العربي)، وتفسير ابن عطية ٤/ ٣٣.
(٢) الصحيح ١/ ١٤١ (٢٢٨) (٧).
(٣) المسند ٥/ ٤٣٩ و ٤٤٠.
وأخرجه: النسائي (١٦٦٥) و (١٧٢٥)، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " ١/ ٣٦٨ والطبراني في " الكبير " (٦٠٨٩) و (٦٠٩٠)، والخطيب في " موضح أوهام الجمع
والتفريق " ١/ ١٦٤، وهو حديث قويٌّ.
(٤) تحرف في (ص) إلى: «ابن ماجه».

<<  <   >  >>