للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فتزوَّجته، فكُنَّا نُسمِّيه مهاجرَ أُم قيسٍ. قال: فقال عبدُ الله - يعني: ابن مسعود -: مَنْ هاجَر يبتغي شيئاً، فهو له.

وهذا السِّياقُ يقتضي أنَّ هذا لم يكن في عهدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، إنَّما كان في عهدِ ابنِ مسعودٍ، ولكن رُوي مِنْ طريقِ سفيانَ الثَّوريِّ، عَن الأَعمشِ، عن أبي وائلٍ، عن ابن مسعود، قال: كان فينا رجلٌ خطبَ امرأةً يقال لها: أم قيسٍ، فأبت أنْ تزوَّجَه حتَّى يهاجِرَ، فهاجَرَ، فتزوَّجها، فكنَّا نسمِّيه مهاجرَ أمِّ قيسٍ. قال ابنُ مسعودٍ: مَنْ هاجرَ لشيءٍ (١) فهو له (٢).

وقد اشتهرَ أنَّ قصَّةَ مُهاجرِ أمِّ قيسٍ هي (٣) كانت سببَ قولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كانت هجرتُه إلى دُنيا يُصيبُها أو امرأةٍ ينكِحُها»، وذكر ذلك كثيرٌ من المتأخِّرين في كُتُبهم، ولم نر لذلك أصلاً بإسنادٍ يصحُّ، والله أعلم (٤).

وسائر الأعمال كالهجرةِ في هذا المعنى، فصلاحُها وفسادُها بحسب النِّيَّة الباعثَةِ عليها، كالجهادِ والحجِّ وغيرهما، وقد سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن اختلاف نيَّاتِ النَّاس في الجهاد وما يُقصَدُ به من الرِّياء، وإظهار (٥) الشَّجاعة والعصبيَّة، وغير ذلك: أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال: «مَنْ قاتَل لِتَكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا، فهو في سبيل الله» فخرج بهذا كلُّ (٦) ما سألوا عنه من المقاصد الدُّنيوية.

ففي " الصحيحين " عن أبي موسى الأشعريِّ: أنَّ أعرابياً أتى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله: الرَّجُلُ يُقاتِلُ للمَغْنمِ، والرَّجلُ يُقاتِل للذِّكر، والرَّجُلُ يقاتِل ليُرى مكانُهُ، فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَاتَل لتكُونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا، فهو في سبيل الله» (٧).


(١) في (ص): «يبتغي شيئاً».
(٢) أخرجه: الطبراني في " المعجم الكبير " (٨٥٤٠).
(٣) سقطت من (ص).
(٤) قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " ١/ ١٤ تعقيباً على هذه القصة: «لكن ليس فيه أنَّ حديث الأعمال سيق بسبب ذلك، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك».
(٥) سقطت من (ص).
(٦) سقطت من (ص).
(٧) صحيح البخاري ١/ ٤٢ (١٢٣) و ٤/ ٢٤ (٢٨١٠) و ٤/ ١٠٥ (٣١٢٦) و ٩/ ١٦٦ (٧٤٥٨)، وصحيح مسلم ٦/ ٤٦ (١٩٠٤) (١٤٩) و (١٥٠). وأخرجه أيضاً: الطيالسي (٤٨٧) و (٤٨٨)، وعبد الرزاق (٩٥٦٧)، وسعيد بن منصور في " سننه " (٢٥٤٣)، وأحمد ٤/ ٣٩٢ و ٤٠١ و ٤٠٥ و ٤١٧، وعبد بن حميد (٥٥٣)، وأبو داود (٢٥١٧) و (٢٥١٨)، وابن ماجه (٢٧٨٣)، والترمذي (١٦٤٦)، والنسائي ٦/ ٢٣ وفي " الكبرى "، له (٤٣٤٤)، والطحاوي في " شرح المشكل " (٥١٠٦)، وابن حبان (٤٦٣٦)، وأبو نعيم في " الحلية " ٧/ ١٢٨، والبيهقي ٩/ ١٦٧ و ١٦٨، والبغوي (٢٦٢٦) من طرق عن أبي موسى الأشعري، به.

<<  <   >  >>