للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا المعنى اقتصرَ في جوابِ هذا الشرط على إعادتِهِ بلفظه؛ لأنَّ حُصولَ ما نواه بهجرته نهايةُ المطلوب في الدُّنيا والآخرة.

ومن كانت هجرتُهُ من دارِ الشِّرك إلى دارِ الإسلام لطَلَبِ دُنيا يُصيبها، أو امرأةٍ ينكِحُها في دارِ الإسلام، فهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليه مِنْ ذلكَ، فالأوَّل تاجرٌ، والثَّاني خاطب، وليسَ واحدٌ منهما بمهاجرٍ.

وفي قوله: «إلى ما هاجرَ إليه» تحقيرٌ لِمَا طلبه من أمر الدُّنيا، واستهانةٌ به، حيث لم يذكره بلفظه. وأيضاً فالهجرةُ إلى اللهِ ورسولِهِ واحدةٌ فلا تعدُّد فيها، فلذلك أعادَ الجوابَ فيها بلفظ الشَّرط.

والهجرةُ لأمور الدُّنيا لا تنحصِرُ، فقد يُهاجِرُ الإنسانُ لطلبِ دُنيا مُباحةٍ تارةً، ومحرَّمةٍ أخرى، وأفرادُ (١) ما يُقصَدُ بالهجرةِ من أُمورِ الدُّنيا لا تنحصِرُ، فلذلك قال: «فهجرتُهُ (٢) إلى ما هاجرَ إليه»، يعني: كائناً ما كان.

وقد رُويَ عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} الآية (٣).

قال: كانت المرأةُ إذا أتت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حلَّفها بالله: ما خرجت من بُغضِ زوجٍ، وبالله: ما خرجت رغبةً بأرضٍ عنْ أرضٍ (٤)، وبالله: ما خرجت التماسَ دُنيا، وبالله: ما خرجت إلاَّ حباً لله ورسوله. خرجهُ ابنُ أبي حاتم (٥)، وابنُ جريرٍ (٦)، والبزَّارُ في " مسنده " (٧)، وخرَّجه الترمذي في بعض نسخ كتابه مختصراً.

وقد روى وكيعٌ في كتابه عن الأعمش، عن شقيقٍ - هو أبو وائلٍ - قال: خطبَ أعرابيٌّ مِنَ الحيِّ امرأةً يقال لها: أم قيسٍ. فأبت أن تزوَّجَهُ حتى يُهاجِرَ، فهاجَرَ،


(١) كلمة: «أفراد» سقطت من (ص).
(٢) سقطت من (ص).
(٣) الممتحنة: ١٠.
(٤) في (ص): «من رغبة من أرض إلى أرض».
(٥) في " تفسيره " ١٠/ ٣٣٥٠ (١٨٨٦٧).
(٦) في " تفسيره " (٢٦٣١٠)، وطبعة التركي ٢٢/ ٥٧٥.
(٧) (٢٢٧٢) كشف الأستار، وهو حديث ضعيف. انظر: مجمع الزوائد ٧/ ١٢٣.

<<  <   >  >>