للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ورد ترتُّب (١) دخولِ الجنة على فعلِ بعض هذه الأعمال كالصَّلاةِ، ففي الحديث المشهور: «من صلَّى الصلواتِ لوقتِها، كان له عندَ الله عهدٌ أنْ يُدخِلَهُ الجنّة». وفي الحديث الصحيح: «من صَلَّى البَرْدَينِ دخل الجنة»، وهذا كلُّه من ذكر السبب المقتضي الذي لا يعمل عمله (٢) إلاَّ باستجماع شروطه، وانتفاء موانعه؛ ويدلُّ على هذا ما خرَّجه الإمام أحمد (٣) عن بشير بنِ الخَصاصِيةِ،

قالَ: أتيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لأبايِعَه، فشرط عليَّ شهادة أنْ لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وأنْ أُقيمَ الصَّلاةَ، وأنْ أُوتي الزكاة، وأنْ أحجَّ حجة الإسلام، وأنْ أصومَ رمضان، وأنْ أُجاهِد في سبيل الله، فقلتُ: يا رسول الله أما اثنتان فوالله ما أُطيقُهُما: الجهاد والصَّدقةُ، فقبضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدَهُ، ثمَّ حَرَّكَها، وقال: «فلا جهادَ ولا صدقةَ؟ فبِمَ تدخلُ الجنَّة إذاً؟» قلتُ: يا رسول الله أنا أُبايعُك، فبايعتُه عليهنَّ كُلَّهنَّ. ففي هذا الحديث أنَّه لا يكفي في دخول الجنَّة هذه الخصالُ بدون الزكاة والجهاد.

وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنَّ ارتكاب بعضِ الكبائر يمنع دخولَ الجنَّة، كقوله: «لا يدخل الجَنَّةَ قاطع» (٤)، وقوله: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كِبْر» (٥)،

وقوله: «لا تدخلوا الجنة حتَّى تُؤمِنوا، ولا تُؤْمِنوا حتَّى تحابُّوا» (٦) والأحاديث التي جاءت في منع دخول الجنَّة بالدَّينِ حتى يُقضى، وفي الصَّحيح

: «أنَّ المؤمنين إذا جازوا الصِّراطَ، حُبِسُوا على قنطرة يقتصُّ منهم مظالمُ كانت بينهم في الدنيا» (٧).


(١) في (ص): «ترتيب».
(٢) في (ص): «عليه».
(٣) في " مسنده " ٥/ ٢٢٤، وإسناده ضعيف لجهالة أبي المثنى العبدي مؤثر بن عَفاذة فقد تفرد بالرواية عنه جبلة بن سحيم.
(٤) أخرجه: البخاري ٨/ ٦ (٥٩٨٤)، ومسلم ٨/ ٧ (٢٥٥٦) (١٨) من حديث جبير بن مطعم.
(٥) أخرجه: أحمد ١/ ٤١٢ و ٤١٦، ومسلم ١/ ٦٥ (٩١) (١٤٨)، وأبو داود (٤٠٩١) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٦) أخرجه: ابن أبي شيبة (٢٥٧٤٢)، وأحمد ٢/ ٣٩١، ومسلم ١/ ٥٣ (٥٤) (٩٤) من حديث أبي هريرة.
(٧) أخرجه: البخاري ٣/ ١٦٧ (٢٤٤٠) و ٨/ ١٣٨ (٦٥٣٥) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً.

<<  <   >  >>