للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ سخط الله، ما لم يُؤْثِروا دُنياهم على صَفقةِ دينهم، فإذا آثرُوا

صفقةَ دُنياهم على دينهم، ثم قالوا: لا إله إلا الله رُدَّتْ عليهم، وقال الله:

كذبتم» (١).

فتبيَّن بهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من شهد أنْ لا إله إلا الله صادقاً من قلبه حرَّمه الله على النار»، وأنَّ من دخل النارَ من أهل هذه الكلمة، فَلِقِلَّةِ صدقه في قولها، فإنَّ هذه الكلمة إذا صدقت، طهَّرت من القلب كلَّ ما سوى الله، فمن صدق في قوله: لا إله إلا الله، لم يُحبَّ سواه، ولم يَرْجُ إلاَّ إيَّاه، ولم يخشَ أحداً إلاَّ الله، ولم يتوكَّل إلاَّ على الله، ولم تبقَ له بقيَّةٌ من آثار نفسه وهواه، ومتى بقي في القلب أثرٌ لسوى الله، فمن قلَّة الصدق في قولها.

نارُ جهنَّم تنطفئ بنور إيمان الموحدين، كما في الحديث المشهور: «تقول النار للمؤمن: جُزْ يا مؤمنُ، فقد أطفأ نورُك لهبي» (٢).

وفي " مسند الإمام أحمد " (٣) عن جابرٍ، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبقى برٌّ

ولا فاجر إلاّ دخلها، فتكونُ على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم،

حتى أنَّ للنار ضجيجاً من بردهم».

فهذا ميراثٌ وَرِثَه المؤمنون من حال إبراهيم - عليه السلام -، فنارُ المحبة في قلوب المؤمنين تخافُ منها نارُ جهنم. قال الجنيد: قالت النار: يا ربِّ، لو لم أُطِعك، هل كنت تُعذِّبني بشيءٍ هو أشدُّ مني؟ قالَ: نعم، كنتُ أسلط عليك نارِي الكبرى، قالت: وهل نارٌ أعظم مني وأشدُّ؟ قال: نعم، نار محبتي أسكنتُها قلوبَ أوليائي المؤمنين. وفي هذا يقول بعضهم:


(١) أخرجه: أبو يعلى (٤٠٣٤)، وإسناده ضعيف جداً لضعف حسين بن علي بن الأسود وعمر بن حمزة العمري.
وأخرجه: العقيلي ٢/ ٢٩٧ من حديث أبي هريرة، وسنده ضعيف لضعف عبد الله بن محمد ابن عجلان.
(٢) أخرجه: الطبراني في " الكبير " ٢٢/ (٦٦٨)، وابن عدي في " الكامل " ٨/ ١٣١، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " ٩/ ٣٢٩، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٣٧٥)، وهو حديث ضعيف.
(٣) المسند ٣/ ٣٢٨.
وأخرجه: الحارث في " مسنده " كما في " بغية الباحث " (١١٢٧)، وعبد بن حميد
(١١٠٦)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٣٧٠)، وهو حديث ضعيف.

<<  <   >  >>