للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحسن: هوَ الذي لا يهوى شيئاً إلا ركبه (١). وقال قتادة: هوَ الذي كلما هَوِيَ شيئاً ركبه، وكلما اشتهى شيئاً أتاه، لا يَحجزُه عن ذلك ورعٌ ولا تقوى (٢). ويُروى من حديث أبي أمامة مرفوعاً «ما تحتَ ظلِّ السماء إلهٌ يُعبد أعظم عندَ الله من هوى متَّبع» (٣).

وكذلك مَنْ أطاعَ الشيطان في معصية الله، فقد عبده، كما قال الله - عز وجل -

: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (٤).

فتبيَّن بهذا أنَّه لا يصحُّ تحقيقُ معنى قولِ: لا إله إلا الله، إلاَّ لمن لم يكن في قلبه إصرارٌ على محبة ما يكرهه الله، ولا على إرادة ما لا يُريده الله، ومتى كان في القلب

شيءٌ مِنْ ذلك، كان ذلك نقصاً في التوحيد، وهو مِنْ نوع الشِّرك الخفيِّ. ولهذا قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} (٥) قال: لا تحبُّوا غيري.

وفي " صحيح الحاكم " (٦) عن عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «الشِّركُ أخفى من دبيب الذَّرِّ على الصَّفا في الليلة الظَّلماء، وأدناه أنْ تُحِبَّ على شيءٍ مِنَ الجَوْرِ، وتُبغِضَ على شيءٍ مِنَ العدل، وهل الدِّينُ إلا الحبّ والبغض؟ قال الله - عز وجل -: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} (٧). وهذا نصٌّ في أنَّ محبةَ ما يكرهه الله، وبغضَ ما يُحبه متابعةٌ للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفيّ.

وخرَّج ابن أبي الدُّنيا من حديث أنس مرفوعاً: «لا تزالُ لا إله إلا الله

تمنعُ العبادَ


(١) ذكره القرطبي في " تفسيره " ١٣/ ٣١.
(٢) أخرجه: عبد الرزاق في " التفسير " (٢٨٣١)، والطبري في " تفسيره " (٢٤١٣٤).
(٣) أخرجه: ابن أبي عاصم في " السنة " (٣)، والطبراني في " الكبير " (٧٥٠٢)، وابن عدي في " الكامل " ٣/ ١٢٦، وأبو نعيم في " الحلية " ٦/ ١١٨، وابن الجوزي في
" الموضوعات " (١٦١٦) وهو حديث موضوع، وإسناده مسلسل بالمتروكين.
(٤) يس: ٦٠.
(٥) الأنعام: ١٥١.
(٦) المستدرك ٢/ ١٩١.
وأخرجه: ابن أبي حاتم في " تفسيره " (٣٣٩٩)، أبو نعيم في "حلية الأولياء" ٩/ ٢٥٣، وابن الجوزي في " العلل المتناهية " ٢/ ٣٣٩، وإسناده ضعيف فيه عبد الأعلى بن أعين قال أبو زرعة الرازي: «هذا حديث منكر وعبد الأعلى منكر الحديث ضعيف» كما في " تفسير ابن أبي حاتم ".
(٧) آل عمران: ٣١.

<<  <   >  >>