للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو موسى الأشعري: إنَّ هذا القرآن كائنٌ لكم أجراً، وكائنٌ عليكم

وِزراً، فاتَّبِعوا القرآن، ولا يتَّبعكُم القرآن، فإنَّه مَنِ اتَّبعَ القرآنَ هبط به على رياضِ الجنَّةِ، ومن اتَّبعه القرآنُ، زخَّ في قفاه، فقذفه في النار (١).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ النَّاس يغدو، فبائعٌ نفسه فمعتِقُها أو موبقها» وخرَّج الإمامُ أحمد، وابن حبان من حديث كعب بن عُجرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «النَّاسُ غاديان، فمبتاعٌ نفسه، فمعتق نفسه وموبقها» (٢).

وفي روايةٍ خرَّجها الطبراني: «الناس غاديان، فبائعٌ نفسه فموبِقُها، وفادٍ نفسه فمُعتِقها». وقال الله - عز وجل -: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ … دَسَّاهَا} (٣)، والمعنى: قد أفلح من زكى نفسَه بطاعة الله، وخابَ من دسَّاها بالمعاصي، فالطاعةُ تُزكي النفس وتُطهرها، فترتفع، والمعاصي تُدسِّي النفس، وتقمعها، فتنخفض، وتصيرُ كالذي يُدسُّ في التراب.

ودلَّ الحديثُ على أن كلَّ إنسان فهو ساعٍ في هلاك نفسه، أو في فِكاكِها، فمن سعى في طاعة الله، فقد باع نفسَه للهِ، وأعتقها من عذابه، ومن سعى في معصيةِ الله، فقد باعَ نفسَه بالهوان، وأوبقها بالآثام الموجبة لغضب الله وعقابه، قال الله - عز وجل -: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} إلى قوله: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٤)، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} (٥)، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (٦).

وفي " الصحيحين " (٧) عن أبي هُريرة، قال: قال


(١) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٠٠١٤) و (٣٨٤٢١)، وسعيد بن منصور (٨٠)، والدارمي (٣٣٢٨)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٢٠٢٣).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) الشمس: ٧ - ١٠.
(٤) التوبة: ١١١.
(٥) البقرة: ٢٠٧.
(٦) الزمر: ١٥.
(٧) صحيح البخاري ٤/ ٧ (٢٧٥٣) و ٤/ ٢٢٤ - ٢٢٥ (٣٥٢٧) و ٦/ ١٤٠ (٤٧٧١)، وصحيح مسلم ١/ ١٣٢ (٢٠٤) (٣٤٨) و (٣٤٩).

<<  <   >  >>