للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهَدَى} (١)، والمراد: وجدَك غيرَ عالمٍ بما علَّمك من الكتاب والحكمة (٢)، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ} (٣) فالإنسان يولد مفطوراً على قبول الحقِّ، فإنْ هداه الله سبَّب له من يعلمه الهدى، فصار مهتدياً بالفعل بعد أنْ كان مهتدياً بالقوَّة، وإنْ خذله الله، قيَّض له من يعلمه ما يُغير فطرته كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ مولودٍ يُولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه ويُنصرانه ويمجسانه» (٤).

وأما سؤالُ المؤمن من الله الهداية، فإنَّ الهدايةَ نوعان: هداية مجملة: وهي الهدايةُ للإسلام والإيمان وهي حاصلة للمؤمن، وهدايةٌ مفصلة: وهي هدايته إلى معرفة

تفاصيلِ أجزاء الإيمان والإسلام، وإعانتُه على فعل ذلك، وهذا يحتاج إليه كلُّ مؤمن ليلاً ونهاراً، ولهذا أمر (٥) الله عباده أنْ يقرؤوا في كُلِّ ركعةٍ من صلاتهم قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (٦)، وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه بالليلِ: «اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك، إنَّكَ تَهدي من تشاءُ إلى صراط … مستقيم» (٧)، ولهذا يُشمت العاطس، فيقال له: «يرحمك الله» فيقول

: «يهديكم الله» كما جاءت السنة بذلك (٨)،

وإنْ أنكره من أنكره من فقهاء العراق ظناً منهم أنَّ المسلم لا يحتاج أنْ يُدعى له بالهُدى، وخالفهم جمهورُ العلماء


(١) الضحى: ٧.
(٢) انظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ٩٨.
(٣) الشورى: ٥٢.
(٤) أخرجه: معمر في " جامعه " (٢٠٠٨٧)، وأحمد ٢/ ٢٥٣ و ٢٧٥ و ٢٨٢، والبخاري ٢/ ١١٨ (١٣٥٨)، ومسلم ٨/ ٥٢ (٢٦٥٨) (٢٢) و (٢٥)، والترمذي (٢١٣٨)، والآجري في " الشريعة ": ١٩٤، وابن حبان (١٢٨) و (١٣٠)، والخطيب في " تاريخه " ٣/ ٣٠٨، وأبو نعيم في " الحلية " ٩/ ٢٢٨ من حديث أبي هريرة، به.
(٥) في (ص): «أراد».
(٦) الفاتحة: ٦.
(٧) أخرجه: أحمد ٦/ ١٥٦، ومسلم ٢/ ١٨٥ (٧٧٠) (٢٠٠)، وأبو داود (٧٦٧)، وابن ماجه (١٣٥٧)، والترمذي (٣٤٢٠) من حديث عائشة، به.
(٨) أخرجه: الطيالسي (٥٩١)، وأحمد ٥/ ٤١٩ و ٤٢٢، والدارمي (٢٦٦٢)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٢١٣)، والطبراني في " الكبير " (٤٠٠٩)، والحاكم ٤/ ٢٦٦، وأبو نعيم في "الحلية" ٧/ ١٦٣، والبغوي في "شرح السنة" (٣٣٤٢) من حديث أبي أيوب، به.

وجاء من حديث أبي هريرة، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر فالسنة ثابتةٌ بذلك.

<<  <   >  >>