للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعبادة والسؤال والتضرُّع إليه، والاستكانة له. قال الله - عز وجل -: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ

يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (١).

وفي الحديث دليلٌ (٢) على أنَّ اللهَ يحبُّ أنْ يسأله العبادُ جميعَ مصالح دينهم ودنياهم، مِنَ الطَّعام والشراب والكسوة وغير ذلك، كما يسألونه الهداية والمغفرة، وفي الحديث: «ليسأل أحدُكم ربَّه حاجته كلَّها حتى يسأله شِسعَ نعله إذا انقطع» (٣).

وكان بعضُ السَّلف يسأل الله في صلاته كلَّ حوائجه حتّى ملحَ عجينه وعلفَ شاته. وفي الإسرائيليات: أنَّ موسى - عليه السلام - قال: يا ربِّ إنَّه لتَعْرِضُ لي الحاجةُ من الدنيا، فأستحيي أنْ أسألك، قال: سلني حتى ملح عجينك وعلف حمارك.

فإنَّ كلَّ ما يحتاج العبد إليه إذا سأله من الله فقد أظهرَ حاجتَه فيه، وافتقاره إلى الله، وذلك يحبُّه الله، وكان بعضُ السَّلف يستحيي من الله أنْ يسأله شيئاً من مصالح … الدنيا، والاقتداءُ بالسُّنَّة أولى.

وقوله: «كُلُّكم ضالٌّ إلاَّ مَنْ هديتُه» قد ظنَّ بعضُهم أنَّه معارض لِحديث عياض بنِ حمار، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يقولُ اللهُ

- عز وجل -: خلقتُ عبادي حنفاء»، وفي روايةٍ: «مسلمين فاجتالتهم الشياطين» (٤)

وليس كذلك، فإنَّ الله خلق بني آدم، وفطرهم على قبول الإسلام، والميل إليه دونَ غيره، والتهيؤ لذلك، والاستعداد له بالقوَّة، لكن لابدَّ للعبد من تعليم الإسلام بالفعل، فإنَّه قبل التعليم جاهلٌ لا يعلم شيئاً، كما قال - عز وجل -: {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ … شَيْئاً} (٥) وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ


(١) الروم: ٤٠.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) تقدم تخريجه، وقال الترمذي: «غريب» أي ضعيف.
(٤) أخرجه: الطيالسي (١٠٧٩)، وعبد الرزاق (٢٠٠٨٨)، وأحمد ٤/ ١٦٢ و ٢٦٦، ومسلم ٨/ ١٥٨ - ١٥٩ (٢٨٦٥) (٦٣) و (٦٤)، وابن حبان (٦٥٣) و (٦٥٤)، والطبراني في " الكبير " ١٧/ (٩٩٢) و (٩٩٣) و (٩٩٤) و (٩٩٥) و (٩٩٦) وفي

" الأوسط " (٢٩٣٣) و (٢٩٥٤)، والبيهقي ٩/ ٢٠ من طرق عن مطرّف، عن عياض بن حمار، به.
(٥) النحل: ٧٨.

<<  <   >  >>