للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

معروفٍ صدقةٌ».

وخرَّجه البخاري (١) من حديث جابرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فالصدقة تُطلق على جميع أنواع فعل المعروف والإحسّان، حتَّى إنَّ فضل الله الواصل منه إلى عباده صدقة منه عليهم. وقد كان بعضُ السَّلف يُنكر ذلك، ويقول: إنَّما الصَّدقةُ ممَّن يطلُبُ جزاءها وأجرَها، والصَّحيحُ خلافُ ذلك، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قصر الصَّلاة في السفر: «صدقةٌ تصدَّقَ اللهُ بها عليكم، فاقبلوا صدقتَه» خرَّجه مسلم (٢)، وقال: من كانت له صلاةٌ بليلٍ، فغلب عليه نومٌ فنام عنها، كتب الله له أجرَ صلاتِه، وكان نومُه صدقةً مِنَ الله تصدَّق بها عليه». خرَّجه النَّسائي وغيرُه من حديث عائشة (٣)، وخرَّجه ابن ماجه من حديث أبي الدرداء (٤).

وفي " مسندي " (٥) بقي بن مخلد والبزار من حديث أبي ذرٍّ مرفوعاً: «ما من يومٍ ولا ليلةٍ ولا ساعةٍ إلاَّ لله فيها صدقة يَمُنُّ بها على مَنْ يشاءُ مِنْ عباده، وما منَّ الله على عبدٍ مثلَ أنْ يُلهِمَهُ ذكره».

وقال خالدُ بن معدان: إنَّ الله يتصدَّقُ كلَّ يوم بصدقة، وما تصدَّق الله على أحدٍ من خلقِه بشيءٍ خيرٍ من أنْ يتصدَّق عليه بذكره (٦).

والصدقة بغير المال نوعان: أحدهما: ما فيه تعدية الإحسّان إلى الخلق، فيكون صدقةً عليهم، وربما كان أفضلَ من الصدقة بالمال، وهذا كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، فإنَّه دُعاءٌ إلى طاعة الله، وكفٌّ عن معاصيه، وذلك خيرٌ من النَّفع بالمال، وكذلك تعليمُ العلم النافع، وإقراءُ القرآن، وإزالةُ الأذى عن الطريق، والسعيُ في جلب


(١) صحيح البخاري ٨/ ١٣ (٦٠٢١).
(٢) في " صحيحه " ٢/ ١٤٣ (٦٨٦) (٤).
(٣) أخرجه: النسائي ٣/ ٢٥٧ و ٢٥٨ وفي " الكبرى "، له (١٤٥٧) و (١٤٥٨).
وأخرجه: مالك في " الموطأ " (٣٠٧) برواية يحيى الليثي، وأبو داود (١٣١٤)، والبيهقي ٣/ ١٥، وابن عبد البر في " التمهيد " ١٢/ ٢٦١ من حديث عائشة، به.
(٤) في سننه (١٣٤٤).
(٥) أخرجه: البزار في " مسنده " (٣٨٩٠)، وهو في " كشف الأستار " (٦٩٤)، والحديث ضعفه أبو حاتم الرازي كما في " العلل " لابنه (٣٧٠).
(٦) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٩/ ١٨.

<<  <   >  >>