للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنَّوع الثاني من الصدقة التي ليست مالية: ما نفعُه قاصرٌ على فاعله، كأنواع الذِّكر: مِنَ التَّكبير، والتَّسبيح، والتَّحميد، والتَّهليل، والاستغفار، وكذلك المشيُ إلى المساجدِ صدقة، ولم يذكر في شيء من الأحاديث الصَّلاة والصيام والحج والجهاد أنَّه صدقة، وأكثرُ هذه الأعمال أفضلُ من الصَّدقات الماليَّة؛ لأنَّه إنَّما ذكر ذلك جواباً لسؤالِ الفُقراء الَّذين سألوه عمَّا يُقاوم تطوَّع الأغنياء بأموالهم، وأما الفرائض، فقد كانوا كلهم مشتركين فيها.

وقد تكاثرتِ النُّصوصُ بتفضيل الذكر على الصدقة بالمال وغيرها من لأعمال، كما في حديث أبي الدرداء، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ألا أنبِّئُكُم بخيرِ أعمالكم، وأزكاها عند مليكِكُم، وأرفعِها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخيرٍ لكم منْ أنْ تَلْقَوا عدوَّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا … أعناقكم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قالَ: «ذكرُ اللهِ - عز وجل -». خرَّجه الإمام أحمد (١) والترمذي (٢)، وذكره مالك في " الموطأ " (٣) موقوفاً على أبي الدرداء.

وفي " الصحيحين " (٤) عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:

«مَنْ قال: لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، يُحيي ويُميت، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ في يوم مئة مرَّة، كانت له عَدْلَ عشر رقاب، وكُتبت له مئة حسنةٍ، ومُحيت عنه مئة سيئةٍ، وكانت له حِرْزاً من الشَّيطان يومَه ذلك حتَّى يُمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ ممَّا جاءَ به إلاَّ أحدٌ عَمِلَ أكثرَ من ذلك».

وفيهما (٥) أيضاً عن أبي أيوبَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: «من قالها عشرَ مرَّاتٍ، كان كمن أعتقَ أربعةَ أنفُسٍ مِنْ ولدِ إسماعيل».


(١) في " مسنده " ٥/ ١٩٥ و ٦/ ٤٤٧.
(٢) في " الجامع الكبير " (٣٣٧٧).
(٣) الموطأ (٥٦٤) برواية الليثي، والاختلاف في هذا الحديث لم يكن قاصراً على الاختلاف في الرفع والوقف، بل روي موصولاً ومرسلاً بيان ذلك كله في كتابي " الجامع في العلل " يسر الله إتمامه وطبعه بمنه وكرمه.
(٤) صحيح البخاري ٤/ ١٥٣ (٣٢٩٣) و ٨/ ١٠٦ (٦٤٠٣)، وصحيح مسلم ٨/ ٦٩

(٢٦٩١) (٢٨).
(٥) أخرجه: البخاري ٨/ ١٠٦ (٦٤٠٤)، ومسلم ٨/ ٦٩ (٢٦٩٣) (٣٠).

<<  <   >  >>