للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وسَترِ العورةِ؟ فمن لم يشترط لها النِّيَّةَ، جعلها كسائرِ شُروطِ الصَّلاةِ، ومَنِ اشترطَ لها النِّيَّةَ، جعلها عبادةً مُستقلَّةً، فإذا كانت عبادةً في نفسها، لم تصحَّ بدونِ نيّةٍ، وهذا قولُ جمهور العلماءِ (١)، ويدلُّ على صحَّةِ ذلك تكاثرُ النُّصوصِ الصَّحيحةِ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: بأنَّ الوُضوءَ يكفِّر الذُّنوبَ والخطايا، وأنَّ (٢) مَنْ توضَّأ كما أُمِرَ، كان كفَّارةً لذُنوبه (٣).

وهذا يدلُّ على أنَّ الوُضوءَ المأمورَ به في القرآنِ عبادةٌ مستقلَّةٌ (٤) بنفسها، حيث رتَّب عليه تكفيرَ الذنوبِ، والوضوءُ الخالي عن النِّيَّةِ لا يُكفِّرُ شيئاً من الذُّنوبِ بالاتِّفاقِ (٥)، فلا يكونُ مأموراً به، ولا تصحُّ به الصَّلاةُ، ولهذا لم يَرِد في شيءٍ من


(١) الفقهاء في هذه المسألة على مذهبين:
المذهب الأول: النية سنة في الوضوء، وممن قال بذلك أبو حنيفة وأصحابه.
المذهب الثاني: النية فرض، وبذلك قال جمهور العلماء، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد والظاهرية والزيدية والإمامية، وهو الصواب.
انظر: الحاوي الكبير ١/ ٨٧، واللباب في شرح الكتاب ١/ ١٠، والمغني ١/ ١٢٢ - ١٢٣، والمجموع ١/ ١٧٠، وإعلام الموقعين ٢/ ٢١٦، ومنتهى الإرادات ١/ ١٨، والسيل الجرار ١/ ٧٥ و ٨٠، ومفتاح الكرامة ١/ ٢٠٣، ومسائل من الفقه المقارن ١/ ٦٦.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) من ذلك ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن عثمان بن عفان دعا بإناءٍ فأفرغ على كفيه ثلاث مِرارٍ، فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثاً ويديه إلى المرفقين ثلاث مرارٍ ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرارٍ إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحدّثُ فيهما نفسه غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه».
أخرجه: مالك في " الموطأ " (٦٥) برواية يحيى الليثي، وعبد الرزاق (١٤١)، والحميدي (٣٥)، وأحمد ١/ ٥٧ و ٥٩ و ٦٠ و ٦١ و ٦٤ و ٦٧ و ٦٨ و ٧١، والدارمي (٦٩٩)، والبخاري ١/ ٥١ (١٥٩) و ١/ ٥٢ (١٦٤) و ٣/ ٤٠ (١٩٣٤)، و ٨/ ١١٤ (٦٤٣٣)، ومسلم ١/ ١٤١ (٢٢٦) (٣) و ١/ ١٤٢ (٢٢٨) (٧) و ١/ ١٤٣ (٢٣١) (١٠) و ١/ ١٤٩ (٢٤٥) (٣٣)، وأبو داود (١٠٦) (١٠٧) و (١٠٩)، وابن ماجه (٢٨٥) و (٤٥٩)، وعبد الله بن أحمد في " زياداته " ١/ ٧٤، والنسائي ١/ ٦٤ و ٦٥ و ٨٠ و ٩١ و ١١١ وفي " الكبرى "، له (٩١) و (١٠٣) و (١٧١) و (١٧٢) و (٨٤٠)، وابن خزيمة (٢) و (٣) و (١٥٨)، وابن حبان (١٠٤١)، والبيهقي ١/ ٢٢٥، والبغوي (١٥٢) و (١٥٣) من حديث عثمان بن عفان، به.
(٤) سقطت من (ص).
(٥) انظر: الأم ٢/ ٦٢ - ٦٣، والواضح في شرح مختصر الخرقي ١/ ٣٩.

<<  <   >  >>