للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي عن ابن مسعود من وجهٍ منقطعٍ أنَّه قيل له: أرأيتَ شيئاً يَحيكُ في

صدورنا، لا ندري حلال هو أم حرامٌ؟ فقال: إيَّاكم والحَكَّاكَاتِ، فإنَّهنَّ … الإثم (١)، والحَزُّ والحكُّ متقاربان في المعنى، والمراد: ما أثَّر في القلب ضِيقاً وحَرجاً، ونُفوراً وكراهة (٢).

فهذه الأحاديثُ اشتملت على تفسير البرِّ والإثم، وبعضُها في تفسير الحلال

والحرام، فحديثُ النَّوَّاس بن سمعان فسَّرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيه البرَّ بحُسن الخلق (٣)، وفسَّره في حديث وابصة وغيره بما اطمأنَّ إليه القلب والنفس (٤)، كما فسَّر الحلالَ بذلك في حديث أبي ثعلبة. وإنَّما اختلف تفسيرُه للبر؛ لأنَّ البرَّ يُطلق باعتبارين معينين:

أحدُهما: باعتبار معاملة الخلق بالإحسان إليهم، وربما خصَّ بالإحسانِ إلى الوالدين، فيقال: برُّ الوالدين، ويطلق كثيراً على الإحسان إلى الخلق عموماً، وقد صنّف ابنُ المبارك كتاباً سماه كتاب " البر والصلة "، وكذلك في "صحيح البخاري" و" جامع الترمذي ": كتاب " البر والصلة "، ويتضمن هذا الكتاب الإحسان إلى الخلق عموماً، ويقدَّم فيه برُّ الوالدين على غيرهما. وفي حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أنَّه قال: يا رسول الله مَنْ أبرُّ؟ قالَ: «أمك»، قالَ: ثُمَّ من؟ قال: «ثم أباك»، قال: ثم من؟ قالَ: «ثُمَّ الأقرب فالأقرب» (٥).

ومن هذا المعنى: قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «الحجُّ المبرور ليس لهُ جزاءٌ إلاَّ الجنَّة» (٦). وفي " المسند " (٧): أنَّه - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن برِّ الحجِّ، فقال: «إطعامُ الطَّعام،


(١) ذكره ابن الأثير في " النهاية " ١/ ٤١٨.
(٢) انظر: النهاية ١/ ٣٧٧ و ٤١٨.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) أخرجه: معمر في " جامعه " (٢٠١٢١)، وأحمد ٥/ ٣ و ٥، والبخاري في … " الأدب المفرد " (٣)، وأبو داود (٥١٣٩)، والترمذي (١٨٩٧) من طرق عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، به، ورواية بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده من شرط الحسن، لذا قال الترمذي: «حديث حسن».
(٦) أخرجه: البخاري ٣/ ٢ (١٧٧٣)، ومسلم ٤/ ١٠٧ (١٣٤٩) (٤٣٧) من حديث أبي هريرة، به.
(٧) المسند ٣/ ٣٢٥ و ٣٣٤، وإسناده ضعيف لضعف محمد بن ثابت.

<<  <   >  >>