للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإفشاءُ السلام»، وفي روايةٍ أخرى: «وطيبُ الكلام» (١).

وكان ابنُ عمر - رضي الله عنهما - يقول: البرُّ شيءٌ هيِّنٌ: وجهٌ طليقٌ وكلامٌ ليِّنٌ (٢).

وإذا قرن البرُّ بالتَّقوى، كما في قوله - عز وجل -: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (٣)،

فقد يكون المرادُ بالبرِّ معاملةَ الخلق بالإحسّان، وبالتَّقوى: معاملة الحقِّ بفعل طاعته، واجتناب محرَّماته، وقد يكونُ أُريد بالبرِّ: فعل الواجبات، وبالتقوى: اجتناب المحرَّمات (٤)، وقوله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ

وَالْعُدْوَانِ} (٥) قد يُراد بالإثم: المعاصي، وبالعدوان: ظُلم الخلق، وقد يُراد بالإثم: ما هو محرَّم في نفسه كالزِّنى، والسرقة، وشُرب الخمر، وبالعُدوان: تجاوز ما أذن فيه إلى ما نُهي عنه ممَّا جنسُه مأذونٌ فيه، كقتل مَن أُبيح قتلُه لِقِصاصٍ، ومن لا يُباح، وأخذُ زيادة على الواجب من الناس في الزكاة ونحوها، ومجاوزة الجلد في الذي أمر به في الحدود ونحو ذلك (٦).

والمعنى الثاني من معنى البرِّ: أنْ يُراد به فعلُ جميع الطاعات الظاهرة والباطنة (٧)، كقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ

السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (٨)، وقد رُوي أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سئل


(١) أخرجه: الطبراني في " الأوسط " (٥٣٢٥)، والحاكم ١/ ٤٨٣، من حديث جابر بن
عبد الله، به، ورواية الطبراني فيها عبد الله بن محمد العبادي وهو ضعيف ورواية الحاكم فيها أيوب بن سويد الرملي، وقد تفرد بهذا الحديث كما نص عليه البيهقي في " السنن الكبرى " ٥/ ٢٦٢، وهو ضعيف وقد ساقه ابن عدي من ضمن مناكيره ٢/ ٣١.
(٢) أخرجه: الخرائطي في " مكارم الأخلاق ": ٢٣ - ٢٤.
(٣) المائدة: ٢.
(٤) انظر: تفسير البغوي ٢/ ٩، وتفسير ابن الجوزي ٢/ ٢٧٧، وتفسير ابن كثير: ٥٧٢ (ط. دار ابن حزم).
(٥) المائدة: ٢.
(٦) انظر: تفسير البغوي ٢/ ٩، وتفسير ابن الجوزي ٢/ ٢٧٧، وتفسير ابن كثير: ٥٧٢ (ط. دار ابن حزم).
(٧) تفسير ابن كثير: ٥٧٢ (ط. دار ابن حزم).
(٨) البقرة: ١٧٧.

<<  <   >  >>