للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال وكيع: إذا اجتمع عمرُ وعليٌّ على شيءٍ، فهو الأمرُ.

وروي عن ابن مسعود أنَّه كان يحلف بالله: إنَّ الصِّراط المستقيم هو الذي

ثبت عليه عمر حتى دخل الجنَّة (١).

وبكلِّ حالٍ، فما جمع عمرُ عليه الصَّحابةَ، فاجتمعوا عليه في عصره، فلا شكَّ أنَّه الحقُّ، ولو خالف فيه بعدَ ذلك مَنْ خالف، كقضائه في مسائلَ مِنَ الفرائض كالعول، وفي زوج وأبوين وزوجة وأبوين أنَّ للأمِّ ثلث الباقي، وكقضائه فيمن جامعَ في إحرامه أنَّه يمضي في نسكه وعليه القضاءُ والهديُ، ومثل ما قضى به في امرأةِ المفقودِ، ووافقه غيره مِنَ الخُلفاء أيضاً، ومثلُ ما جمع عليه النَّاسَ في الطَّلاق الثَّلاث، وفي تحريم متعة النِّساء، ومثل ما فعله من وضع الدِّيوان، ووضع الخراج على أرض العنوة، وعقد الذِّمة لأهل الذِّمة بالشُّروط التي شرطها عليهم ونحو ذلك.

ويشهد لصحة ما جمع عليه عمرُ الصحابة، فاجتمعوا عليه، ولم يُخالف في وقته قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «رأيتني في المنام أنزِعُ على قليبٍ، فجاء أبو بكرٍ، فنزع ذَنُوباُ أو ذنوبين، وفي نزعه ضعفٌ، والله يغفر له، ثم جاء ابنُ الخطَّاب،

فاستحالت غَرْباً، فلم أرَ أحداً يفري فَرْيَهُ حتَّى رَوِيَ النَّاس، وضربوا بعَطَنٍ»، وفي روايةٍ: «فلم أرَ عبقرياً من النَّاسِ يَنْزِعُ نزعَ ابنِ الخطاب»

وفي روايةٍ: «حتى تولَّى والحوض يتفجَّرُ» (٢).

وهذا إشارةٌ إلى أنَّ عمرَ لم يمت حتَّى وضع الأمورَ مواضعها، واستقامت الأمورُ، وذلك لِطول مدَّته، وتفرُّغه للحوادث، واهتمامه بها، بخلاف مدَّةِ أبي بكر فإنَّها كانت قصيرةً، وكان مشغولاً فيها بالفُتوح، وبعث البُعوث للقتال، فلم يتفرَّغ لكثيرٍ من الحوادث، وربما كان يقع في زمنه ما لا يبلُغه، ولا يُرفَعُ إليه، حتَّى رفعت تلك الحوادثُ إلى عمرَ، فردَّ النَّاس فيها إلى الحقِّ وحملهم على

الصَّواب.


(١) عبارة: «حتى دخل الجنة» لم ترد في (ص).
(٢) أخرجه: أحمد ٢/ ٣٦٨ و ٤٥٠، والبخاري ٥/ ٧ (٣٦٦٤) و ٩/ ٤٩ (٧٠٢١)
و (٧٠٢٢) و ٩/ ١٧٠ (٧٤٧٥)، ومسلم ٧/ ١١٢ (٢٣٩٢) (١٧) و ٧/ ١١٣
(٢٣٩٢) (١٧) و (١٨)، والنسائي في " فضائل الصحابة " (١٥) من حديث أبي هريرة، به.

<<  <   >  >>