للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الظَّالم، فأمَّا المظلومُ، فينفعهُ ذلك. وقد خرَّج الإمام أحمدُ، وابنُ ماجه مِنْ حديثِ سُويدِ بنِ حنظلةَ، قال: خرجنا نُريدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعنا وائلُ بنُ حُجْرٍ، فأخذه عدوٌّ له، فتحرَّجَ الناسُ أنْ يحلِفوا، فحلفتُ أنا إنّه أخي، فخلى سبيلَه، فأتينا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرتُهُ أنَّ القومَ تحرَّجُوا أنْ يحلفوا، وحلفتُ أنا (١) إنَّه أخي، فقال: «صدقتَ، المسلمُ أخو المسلم (٢)».

وكذلك تدخلُ النيَّةُ في الطَّلاق والعتاقِ، فإذا أتى بلفظٍ مِنْ ألفاظ الكناياتِ المحتملَةِ للطَّلاقِ أو العتاقِ، فلا بُدَّ له من النيَّةِ (٣).

وهل يقومُ مقامَ النِّيَّةِ دَلالةُ الحالِ مِنْ غضبٍ أو سُؤالِ الطَّلاقِ ونحوِه أم لا؟ فيه خلافٌ مشهورٌ بينَ العلماءِ (٤)، وهل يقعُ بذلك الطَّلاق في الباطن كما لو نواهُ، أم يلزمُ به في ظاهر الحُكم فقط؟ فيه خلافٌ مشهورٌ أيضاً (٥)، ولو أوقعَ الطَّلاقَ بكنايةٍ


(١) سقطت من (ص).
(٢) أخرجه: أحمد ٤/ ٧٩، وأبو داود (٣٢٥٦)، وابن ماجه (٢١١٩)، والطحاوي في " شرح المشكل " (١٨٧٤)، والطبراني في " الكبير " (٦٤٦٤) و (٦٤٦٥)، والحاكم ٤/ ٢٩٩، والبيهقي ١٠/ ٦٥ وإسناده ضعيف لجهالة جد إبراهيم بن عبد الأعلى.
(٣) قال ابن قدامة في " المغني " ٨/ ٢٨٥: «فأما غير الصريح فلا يقع الطلاق به إلا بنية أو دلالة
حال».
ونقل الأثرم إذا قال: «الحقي بأهلك وقال: لم أنو به طلاقاً ليس بشيء ظاهر هذا اعتبار النية» المسائل الفقهية ٢/ ١٤٣.
وانظر: رؤوس المسائل في الخلاف على مذهب أحمد بن حنبل ٢/ ٨٠٤، والمجموع ١٨/ ١٧٢، ومنتهى الإرادات ٢/ ٢٦٠، ونيل المآرب ٤/ ٤٣٩.
(٤) قال أبو جعفر الهاشمي الحنبلي في " رؤوس المسائل في الخلاف " ٢/ ٨٠٤: «إذا انضم إلى الكنايات دلالة حال لم يحتج إلى نية، وقال الشافعي: يحتاج إلى نية وإلا لم يقع، وعن أحمد نحوه دليلنا: أنَّ دلالة الحال تؤثر في الكلام والأفعال، أما الكلام فإنَّ اللفظة الواحدة تستعمل في المدح والذم، وليس ذلك إلا لدلالة الحال».
وقال أيضاً في ٢/ ٨٠٥: «ولا فرق بين أنْ يكون دلالة الحال سؤالاً أو غضباً، وقال أبو حنيفة كمذهبنا في السؤال وفي الغضب يحتاج إلى نية إلا في ثلاث ألفاظ: اختاري، واعتدي، وأمرك بيدك، دليلنا: أنَّ هذه كناية فوقع بها الطلاق في حال الغضب بغير نية كالألفاظ الثلاث».
انظر: المسائل الفقهية ٢/ ١٤٣ - ١٤٤، والمغني ٨/ ٢٦٩ - ٢٧٠، ومنتهى الإرادات ٢/ ٢٦٠، ونيل المآرب ٤/ ٤٣٩.
(٥) قال أبو جعفر الهاشمي الحنبلي في " رؤوس المسائل في الخلاف " ٢/ ٨٠٦: «إذا نوى بالكنايات الخفية عدداً من الطلاق ثبت قل أو كثر، وبه قال أكثرهم، وقال أبو حنيفة: لاثبت بها إلاّ واحدة بائن، أو ثلاث، فأما طلقتان فَلا، دليلنا: إنّ من ملك إيقاع طلقة بكناية ملك إيقاع طلقتين بكناية كالعبد».

<<  <   >  >>